اخر الاخبار

breaking/مقالات الدكتور/9
مقالات الدكتور

10:06 ص

تكبير النص تصغير النص أعادة للحجم الطبيعي
بقلم الدكتور/ زغلول النجار
نشر في جريدة الأهرام تحت عمود "من أسرار القرآن" بتاريخ 22 يوليو 2002 ضمن سلسلة "من الآيات الكونية في القرآن الكريم" 

‏ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجاره أو أشد قسوه وإن من الحجاره لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشيه الله وما الله بغافل عما تعملون
22/7/2002
هذه الايه القرانيه الكريمه جاءت في مطلع الربع الثاني من سوره البقره‏، وهي سوره مدنيه‏، اياتها‏286‏ بدون البسمله‏، و‏287‏ بها‏، وعلي ذلك فهي اطول سور القران الكريم علي الاطلاق‏، واول سوره بعد فاتحه الكتاب في ترتيب المصحف الشريف‏.‏
ويدور المحور الرئيسي للسوره حول عدد من الاحكام الشرعيه‏، والركائز العقديه والتعبديه‏، والضوابط السلوكيه‏، التي فصلناها في مقال سابق‏، ونوجز اهم ماجاء فيها فيمايلي‏:‏

اولا‏:‏ من الركائز العقديه التي ارستها سوره البقره ما يلي‏:‏
‏(1)‏ الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر‏.‏
‏(2)‏ الايمان بوحده الرساله السماويه التي انزلت علي فتره من الرسل‏، وتكاملت في القران الكريم‏، اخر الكتب السماويه واتمها‏، ولذلك تعهد ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ بحفظه بلغه وحيه نفسها‏(‏ اللغه العربيه‏)‏ فحفظ حفظا كاملا‏، وصانه الله‏(‏ تعالي‏)‏ من الضياع‏، ومن التبديل‏، والتحريف‏، فبقي المصدر الوحيد للهدايه الربانيه الموجهه الي الناس كافه‏، والي يوم الدين‏.‏
‏(3)‏ عدم التفرقه بين رسل الله‏، وترك التفضيل بينهم لله‏، وتتويج الايمان بهم بالايمان بخاتمهم اجمعين سيدنا محمد بن عبدالله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)، وبالقران العظيم الذي اوحي اليه‏، وبسنته الشريفه‏، والتسليم بكل ما جاء به‏، والاعتزاز والرضا بهديه مهما عارضه الكافرون‏، واختلف معه المشركون‏.‏
‏(4)‏ الايمان بان الدين مبني علي اليسر ورفع الحرج‏، وان من الاصول الثابته في الاسلام انه لا اكراه في الدين‏...‏ ‏(‏البقره‏:256).‏
‏(5)‏ الايمان بان القتال مشروع في الاسلام للدفاع عن النفس‏، والمال‏، والعرض‏، والدين‏، ولتامين سياده شرع الله في مجتمعاته‏، وتامين حريه التدين‏.‏
ثانيا‏:‏ في مجال الاخلاق والمعاملات تامر سوره البقره في مواضع كثيره منها بالانفاق في سبيل الله‏، والاحسان الي الخلق بصفه عامه‏، وتوكد ايثار الخير‏، ونبذ الشر‏، وتدعو الي العمل الصالح المبني علي الايمان الصادق‏، والي الاستعانه بالصبر والصلاه علي كل جليل من الامور‏، كما تدعو الي ترك العصبيات العرقيه والاقليميه الضيقه‏، والي نبذ الموروثات المغلوطه‏، والتقليد الاعمي‏، والي الاستمساك بتحكيم العقل من اجل الوصول الي سلامه الحكم‏، وتنعي علي كل من يدعو الي حق وفضيله ان ينسي نفسه‏، وتحذر من كتم الشهاده‏، وتدعو كذلك الي الجهاد في سبيل الله دون اعتداء‏، والي تعظيم منازل الشهداء‏، ومنازل الصابرين في الباساء والضراء والموفين بعهودهم اذا عاهدوا‏، والي غير ذلك من مكارم الاخلاق‏.‏
ثالثا‏:‏ تحذر السوره من اهوال يوم القيامه‏.‏
رابعا‏:‏ مايزت سوره البقره بين صفات كل من المتقين والمنافقين‏، وضربت نماذج لكل منهم‏، والمحت الي نعيم المتقين في الجنه‏، والي عذاب المنافقين من الكفار والمشركين في النار‏، والي شيء من ذلهم وحيرتهم يوم القيامه‏، وحذرت من موالاتهم‏، او الركون اليهم في الدنيا‏، كما حذرت من متابعه الشيطان الرجيم واعوانه وجنده‏...!!‏
خامسا‏:‏ من القصص القراني الذي جاء في سوره البقره قصه ابينا ادم‏(‏ عليه السلام‏)‏ وزوجه امنا حواء‏(‏ رضي الله عنها‏)‏ من لحظه خلقهما الي لحظه هبوطهما علي الارض‏، كما المحت الي جوانب من قصه نبي الله ابراهيم‏(‏ عليه السلام‏);‏ والمحت سوره البقره كذلك الي اختلاف اتباع نبي الله عيسي‏(‏ عليه السلام‏)‏ من بعده‏:‏ ‏...‏فمنهم من امن ومنهم من كفر‏...‏ ‏(‏البقره‏:253).‏
كما تحدثت عن واقعه تحويل القبله‏، وعن قرار الله‏(‏ تعالي‏)‏ بجعل امه الاسلام امه وسطا ليكونوا شهداء علي الناس‏، ويكون الرسول عليهم شهيدا‏.‏
سادسا‏:‏ في اكثر من ثلث سوره البقره جاء ذكر جانب من تاريخ العصاه اليهود من بني اسرائيل‏(‏ لعنهم الله في الدنيا والاخره‏)‏ وقد حرفوا دين الله‏، ونقضوا عهوده‏، وكذبوا عليه‏(‏ سبحانه‏)، وتامروا علي خلقه‏;‏ وعبدوا العجل‏، وكتموا ما انزل الله من الحق‏، واشتروا به ثمنا قليلا‏، وبقوا عبر التاريخ ركائز للكفر‏، والفساد والضلال‏، ومعاول لهدم وتدمير كل قيمه اخلاقيه نبيله‏، وكل ضوابط سلوكيه صحيحه‏، فقد قاتلوا انبياء الله وقتلوهم‏، واندسوا وسط كل دعوه دينيه صحيحه من اجل افسادها‏، وتضليل اتباعها‏;‏ واسسوا العديد من الجماعات السريه والعلنيه من اجل تحقيق مخططاتهم الشيطانيه التي يهدفون من ورائها الي اشاعه الفتن‏، واثاره القلاقل‏، واشعال نيران الحروب‏، وتحقيق الخراب‏، والدمار في العالم‏، ونشر الفساد في الارض‏، ولذلك حذرت سوره البقره من اليهود واشياعهم المتهودين‏، ووصفتهم بما يليق بهم‏، وبنفسيتهم الحقيره من نعوت‏.‏
سابعا‏:‏ تنبه سوره البقره الي ضروره التامل بعين البصيره في ايات الله العديده المنتشره في ثنايا كل من الارض والسماء‏، وتختتم بدعاء الي الله‏(‏ تعالي‏)‏ يهز القلوب والعقول ويحرك المشاعر فتقول‏:‏
‏...‏ ربنا لا تواخذنا ان نسينا او اخطانا‏، ربنا ولا تحمل علينا اصرا كما حملته علي الذين من قبلنا‏، ربنا ولا تحملنا ما لا طاقه لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا انت مولانا فانصرنا علي القوم الكافرين ‏(‏البقره‏:286).‏
والايات الكونيه التي اشارت اليها سوره البقره ايات عديده تم ايجازها في مقال سابق‏، ولا حاجه الي تكرارها‏، ولذلك سوف اقتصر هنا علي ايه واحده منها هي الايه الرابعه والسبعون‏، وقبل البدء في ذلك لابد من استعراض سريع لاراء عدد من المفسرين في شرح دلالتها‏.‏

من اقوال المفسرين
في تفسير قوله‏(‏ تعالي‏):‏ ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجاره او اشد قسوه وان من الحجاره لما يتفجر منه الانهار وان منها لما يشقق فيخرج منه الماء وان منها لما يهبط من خشيه الله وما الله بغافل عما تعملون ‏(‏البقره‏:74).‏
ذكر ابن كثير‏(‏ رحمه الله‏)‏ ما نصه‏:‏ يقول تعالي توبيخا لبني اسرائيل وتقريعا لهم علي ما شاهدوه من ايات الله واحيائه الموتي‏:(‏ ثم قست قلوبكم من بعد ذلك‏)‏ كله فهي كالحجاره التي لا تلين ابدا‏، ولهذا نهي الله المومنين عن مثل حالهم‏، فقال‏:‏ ‏(‏الم يان للذين امنوا ان تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين اوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الامد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون‏).‏
فصارت قلوب بني اسرائيل مع طول الامد قاسيه بعيده عن الموعظه‏، بعدما شاهدوه من الايات والمعجزات‏، فهي في قسوتها كالحجاره التي لا علاج للينها‏، او اشد قسوه من الحجاره‏، فان من الحجاره ما يتفجر منها العيون بالانهار الجاريه‏، ومنها ما يشقق فيخرج منه الماء‏، وان لم يكن جاريا‏، ومنها ما يهبط من راس الجبل من خشيه الله وفيه ادراك لذلك بحسبه‏، كما قال تعالي‏:(‏ وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم انه كان حليما غفورا‏).‏ والمعني‏:‏ وان من الحجاره لالين من قلوبكم لما تدعون اليه من الحق‏..‏ واضاف ابن كثير ان‏(‏ او‏)‏ ههنا بمعني‏(‏ الواو‏)‏ وتقديره‏:‏ فهي كالحجاره واشد قسوه‏، وقد تكون بمعني‏(‏ بل‏)‏ فيصير تقديره‏:‏ فهي كالحجاره بل اشد قسوه‏.‏
وذكر اعداد من المفسرين من القدامي والمعاصرين كلاما مشابها لا ا ري داعيا لتكراره هنا‏.‏
ومن الالفاظ التي تحتاج الي شرح في الايه الكريمه الفعل‏(‏ يتفجر‏)، و‏(‏الفجر‏)‏ هو شق الشيء شقا واسعا‏، يقال‏:(‏ فجرته‏)(‏ فانفجر‏)، و‏(‏فجرته‏)(‏ فتفجر‏);‏ ومنه قيل للصبح‏(‏ فجر‏)‏ لكونه فجر الليل‏، و‏(‏الفجور‏)‏ شق ستر الديانه‏، يقال‏:(‏ فجر‏)(‏ فجورا‏)‏ اي فسق فسوقا فهو‏(‏ فاجر‏)‏ اي فاسق‏، وجمعه‏(‏ فجار‏)‏ و‏(‏فجره‏)‏ اي فساق وفسقه‏، ويقال‏:(‏ فجر‏)‏ الماء‏(‏ فانفجر‏)‏ اي بجسه فانبجس‏;‏ و‏(‏انفجر‏)‏ الماء و‏(‏تفجر‏)‏ بمعني اندفع بقوه من تحت سطح الارض فظهر وسال علي سطحها‏.‏

من الدلالات العلميه للايه الكريمه
اولا‏:‏ كشف دخائل النفس اليهوديه المريضه‏:‏
جاءت هذه الايه الكريمه في سياق الخطاب الالهي الي العصاه من بني اسرائيل‏، وقد قست قلوبهم امام كل صور الهدايه الربانيه التي انزلت اليهم‏...‏ فرفضوها‏، وكل النعم التي افاء الله‏(‏ تعالي‏)‏ بها عليهم‏...‏ فكفروا بها‏، ولم يشكروها‏، وكل الايات والمعجزات المبهره التي شاهدوها وجحدتها نفوسهم المريضه‏، ولم تتحرك بها قلوبهم القاسيه التي تصفها الايه الكريمه بانها كالحجاره او اشد قسوه‏، وتضيف‏:‏
‏...‏ وان من الحجاره لما يتفجر منه الانهار‏، وان منها لما يشقق فيخرج منه الماء‏، وان منها لما يهبط من خشيه الله‏....‏
ومن قبل راي العصاه من بني اسرائيل كيف ضرب نبي الله موسي الحجر بعصاه فانفجرت منه اثنتا عشره عينا‏، وكيف اندك الجبل لما تجلي الله‏(‏ تعالي‏)‏ عليه‏، وخر موسي‏(‏ عليه السلام‏)‏ صعقا‏، ولم تلن قلوبهم لذلك لانها قلوب كافره‏، قاسيه‏، جاحده‏، ولذلك جاء ختام الايه الكريمه بهذا التهديد والوعيد الالهي‏:‏
‏...‏وما الله بغافل عما تعملون‏.‏
ويهود اليوم العن من يهود بني اسرائيل بملايين المرات‏.‏ والايه تنطبق عليهم كما انطبقت علي العصاه من بني اسرائيل سواء بسواء‏...!!‏
ومن ذلك يتضح ان اليهوديه ليست دينا من الاديان‏، بقدر ما هي حاله مرضيه تعتري الفطره السويه فتخرجها عن اطارها الانساني الي دائره الشياطين‏، فكما كفر شياطين بني اسرائيل علي عهد موسي‏(‏ عليه السلام‏)‏ فعبدوا العجل‏، وكفروا علي عهد انبيائهم فقاتلوهم وقتلوهم‏، وتجراوا علي دين الله فحرفوه‏، وابتدعوا فيه‏...، وكذبوا علي رب العالمين‏، وضللوا الملايين‏;‏ ونقضوا كل العهود والمواثيق‏، وكتموا ما انزل الله‏(‏ تعالي‏)‏ عليهم من كتاب‏، واشتروا به ثمنا قليلا‏، وتامروا علي خيانه خلق الله‏، وافسادهم‏، واشاعه الفاحشه بينهم‏، من اجل ابتزازهم وسرقه اموالهم‏...، وكفروا بالله علي عهد نبي الله عيسي ابن مريم‏(‏ عليهما السلام‏)، فكذبوه‏، وطاردوه‏، وحرضوا عليه كفره الرومان‏، واساءوا الي سمعته وحاولوا تلطيخ شرف امه‏(‏ شرفها الله‏)، كما حاولوا قتله وصلبه‏، وتشويه رسالته‏;‏ وكفروا بالله علي عهد خاتم الانبياء والمرسلين‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ فنقضوا كل عهودهم معه‏، وتامروا مع عبده الاوثان ضده‏، والبوا كل اهل الكفر عليه‏، وحاولوا سمه وقتله‏، كما حاولوا الدس علي رسالته لولا ان الله‏(‏ تعالي‏)‏ قد تعهد بحفظها فحفظت‏.‏ والدليل علي ان اليهوديه حاله من حالات الامراض النفسيه المستعصيه ان متهودي اليوم وليسوا في غالبيتهم من سلالات بني اسرائيل لهم القلوب القاسيه نفسها التي تفوق الحجاره قسوه‏، فاشتهروا بالكفر والشرك والفسوق والعصيان‏، والكذب والتحايل‏، واللجاجه‏، والمناوره‏، والالتواء‏، والتامر‏، والدس‏، والخديعه‏، والخيانه‏، والغدر‏، والظلم‏، والارهاب‏، ونقض العهود والمواثيق‏، والتزوير والتزييف‏، واكل اموال الناس بالباطل‏، وخيانه الامانات‏، والقسوه البالغه‏، والغلظه المتناهيه اذا كان بيدهم شيء من القوه‏، والتظاهر بالاستكانه والذله والضعف حتي يتمكنوا اذا كانوا امام من هو اقوي منهم‏;‏ ولذلك لعبوا دور شياطين الانس عبر التاريخ‏...‏ في كل عصر وفي كل مصر‏;‏ واتقنوا التامر في الظلام حتي ملكوا زمام العالم واصبحوا يديرونه حسب اهدافهم الشريره‏، ومطامعهم الكثيره‏، ونفسياتهم المريضه‏، ولا حول ولا قوه لنا الا بالله العلي العظيم‏...!!‏
وليس ادل علي قسوه قلوب اليهود من جرائمهم التي ارتكبوها في حق كل الامم التي احتضنتهم واوتهم بدءا من دوله الخلافه الاسلاميه التي اسقطوها‏، الي الاتحاد السوفيتي الذي دمروه‏، الي الولايات المتحده ودول اوروبا الشرقيه والغربيه التي حطموا كل قيمه انسانيه واخلاقيه فيها‏...، ويتعاظم اجرام متهودي اليوم علي ارض فلسطين‏، الدوله العربيه الاسلاميه لاكثر من اربعه عشر قرنا‏، والتي سرقها اليهود من اهلها‏، واغتصبوها من بين ايدي ابنائها بموامره دوليه حقيره‏، وفجروا في معامله المدنيين العزل‏، الذين يقاتلونهم اليوم بشراسه لم تعرف لها البشريه مثيلا في غلظتها وقسوتها‏، وتجبرها‏، واستعلائها‏، موظفين في ذلك احدث الالات العسكريه الامريكيه تطورا‏:‏ من الطائرات‏، والدبابات‏، والمصفحات‏، والمدافع‏، والصواريخ‏، وغير ذلك من الاسلحه المحرمه دوليا وغير المحرمه التي تستخدم في كل يوم لهدم المنازل‏، والمدارس‏، والمستشفيات‏، والمساجد‏، وغيرها من دور العبادات‏، كما توظف في تجريف الاراضي الزراعيه وحرق كل ما عليها من الاشجار والثمار والمحاصيل‏، وفي حصار المدن وتدمير جميع بنياتها الاساسيه‏، والخدمات الواصله اليها‏;‏ والحيلوله دون اسعاف المصابين‏، وتركهم ينزفون حتي الموت‏، ومنع علاج الحوامل والمرضي المزمنين‏، وحرمانهم من الاسعافات الاوليه‏، والعلاجات الضروريه لهم‏، وقتل الاطفال‏، والنساء‏، والشيوخ‏، والشبان‏، واعتقال من لا يقتلون منهم لتعذيبهم بوحشيه بشعه في سجونهم ومعتقلاتهم‏...‏ وان ينس المجتمع الدولي كل هذه الجرائم اللاانسانيه‏، واللااخلاقيه‏...‏ فلن ينسي اغتيال الطفل‏(‏ محمد الدره‏)‏ بدم بارد وهو يحتمي بحضن ابيه الفزع المفجوع‏...، ولن ينسي تجريد الاسري من ملابسهم‏، واقتيادهم الي ساحات التعذيب معصوبي الاعين‏، ومقيدي الايدي والارجل كما فعل الامريكان المتهودون من قبل‏...!!!‏ ولن ينسي مذابح دير ياسين‏، وقبيه‏، وصابرا وشاتيلا‏، وبحر البقر‏، وابي زعبل‏، وبيروت‏، وجنين‏، وغيرها‏، ولا حول ولا قوه الا بالله العلي العظيم‏...!!!.‏
ثانيا‏:‏ بين القسوه الماديه للحجاره والقسوه المعنويه لقلوب اليهود‏:‏
في هذه الايه الكريمه يعقد ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ وهو العليم الخبير مقارنه بين القسوه الماديه للحجاره‏، والقسوه المعنويه لقلوب الفسقه العصاه من يهود بني اسرائيل موكدا ان قلوبهم المليئه بالكراهيه لجميع من غايرهم من البشر‏، وبالحقد عليهم‏، والغل لهم‏، والرغبه الدفينه في خيانتهم‏، وايذائهم والغدر بهم هي اشد قسوه من الحجاره لانها لا تلين ابدا‏، بينما من الحجاره ما يلين فتتفجر منه الانهار‏، او يتشقق فيخرج منه الماء‏، او يهبط من خشيه الله‏...!!‏
وبقدر دقه هذا الوصف الالهي للنفسيه اليهوديه المريضه‏، والخارجه علي منهج الله وهدايته‏، والمليئه بالاسقام والعلل‏، جاء هذا الوصف العلمي الدقيق للحجاره‏، وتفاوتها في درجات القساوه علي قدر كبير من الدقه العلميه والشمول والاحاطه علي الرغم من ورود ذلك في مقام التشبيه‏.‏

ثالثا‏:‏ قسوه الحجاره‏:‏
تعتبر قسوه الحجاره‏ (Stiffness of Stones)‏ من اهم خصائصها الميكانيكيه‏، وتعتمد علي نشاه الحجر‏، وتركيبه الكيميائي والمعدني‏، وبنيته ونسيجه‏، كما تعتمد علي تاريخه في الارض‏، والتغيرات البعديه التي تعرض لها‏، ويوثر ذلك كله في شده تماسك مكوناته‏، وقدرته علي مقاومه العديد من العمليات الارضيه من مثل الانضغاط‏ (Compress ibility or Compaction)، والاجهاد القصي‏ (Tenacity or Resistance to Shear Stress or Stress Stain)، وهي ابعاد لابد من قياسها عند تقويم درجه متانه الحجر‏، وقدرته علي تحمل المنشات عليه‏، او الحفر فيه‏(‏ للتعدين او شق الترع والخنادق وغيرها‏).‏
وانضغاطيه الحجر او قابليته للانضغاط‏ (Compaction)‏ تعني قابليته للهبوط تحت تاثير الاحمال الواقعه عليه‏، ويعتمد ذلك فيما يعتمد من عوامل عديده علي مساميه الحجر‏، وقدرته علي انفاذ الموائع‏(‏ نفاذيته‏)، وتركيبه البنيوي‏، ووزن الاحمال المسلطه عليه‏.‏وفي ذلك تقسم الاحجار الي قليله‏، ومتوسطه‏، وشديده الانضغاط‏.‏
وبالنسبه لمتانه الاحجار‏(‏ او قدرتها علي مقاومه الاجهاد القصي او الاستجابه له مما يودي الي اعاده توزيع القوي الداخليه للحجاره‏)‏ فانها تقاس بمعاملي القدره علي مقاومه الاحتكاك‏، وشده تلاصق المكونات‏، وكلاهما يعتمد كذلك علي نشاه الحجر‏، وتركيبه المعدني والحبيبي‏(‏ الميكانيكي‏)، والروابط بين مكوناته‏، ودرجه الرطوبه فيه‏.‏
وتتعرض الحجاره في الارض لانواع مختلفه من الاجهاد الخارجي والداخلي‏، ويتم ذلك في الحاله الاولي نتيجه للضغط الخارجي عليها بواسطه وزن كتله الصخور التي تعلوها او بواسطه الضغوط الجانبيه الناتجه عن تحرك الواح الغلاف الصخري للارض في اتجاه التصادم والتضاغط‏، او في اتجاه الشد والتباعد‏، مما ينتج عنه العديد من البنيات الارضيه من مثل خطوط التصدع‏، والفواصل والتشققات الارضيه التي تودي الي تفجر الماء المخزون تحت سطح الارض‏.‏
وفي حاله الضغوط الداخليه فان ذلك يتم بواسطه الموائع المختزنه في الحجاره‏(‏ من مثل الماء‏، او النفط‏، او الغاز‏).‏
وكل نوع من هذين النوعين من اجهاد الاحجار قد يكون قويا او ضعيفا‏، وقد يكون سريعا او بطيئا‏، وقد يكون في اتجاه واحد او في اكثر من اتجاه‏، والنتيجه النهائيه تعتمد علي شده ذلك الاجهاد‏، وعلي نوع الحجاره‏، وعلي الظروف المحيطه بها من الضغط ودرجه الحراره‏، وتتمثل في استجابه الحجاره للاجهاد بتغيرات ملحوظه في الحجم والهيئه قد تنتهي بتقليل قسوتها وتكييفها بتصدعها‏، او بتشققها وتكسرها‏، وحيئنذ يفيض الماء منها‏.‏
وكل من الجبال والمرتفعات الناتجه عن العمليات الارضيه المختلفه يتم بريها بواسطه عمليات التعريه المختلفه ومنها النحر الراسي للمجاري المائيه‏، وتكوين المساقط والشرف النهريه والقنوات العميقه التي تعين علي تفجير الماء المخزون تحت سطح الارض‏.‏
رابعا‏:‏ الخصائص المائيه للحجاره ودورها في تليين قسوتها‏:‏
ينزل علي الارض سنويا ما مجموعه‏380.000‏ كيلو متر مكعب من ماء المطر‏، الذي يتبخر اصلا من بحارها ومحيطاتها‏، ومن المسطحات والمجاري المائيه علي اليابسه‏، ومن الانشطه الحياتيه المختلفه كنتح النباتات وتنفس واخراج كل من الانسان والحيوان‏.‏
ويتسرب جزء من ماء المطر الي ما تحت سطح الارض عن طريق كل من التربه‏، والطبقات المساميه‏، والحجاره والصخور الممزقه المنفذه للماء‏.‏
ويتحرك الماء المتجه الي ما تحت سطح الارض اولا في الاتجاه الراسي بفعل الجاذبيه حتي يصل الي المخزون المائي‏، ثم يتبع ميل الطبقات المنفذه الحامله للماء اذا كانت مائله حتي يظهر الماء علي سطح الارض مره اخري علي هيئه تدفق مائي بشكل من الاشكال التي منها العيون والينابيع‏، والمجاري المائيه المختلفه‏، والبرك‏، والبحيرات‏، والرطوبه الارضيه‏.‏
ويعتمد ذلك اساسا علي معدل سقوط الامطار‏(‏ او انصهار الجليد في المناطق المكسوه بالجليد‏)، وعلي نوعيه كل من التربه والصخور السطحيه‏، وعلي حجم الكساء الخضري في المنطقه‏، وعلي معدلات البخر‏، وعلي غير ذلك من عوامل‏.‏
وذلك لان اكثر من ثلث ماء المطر النازل علي مناطق الكساء الخضري يقع علي اوراق الاشجار فيتعرض للبخر قبل ان يصل الي سطح الارض‏، ويصل نحو الربع الي سطح الارض ولكنه اما يتبخر‏، او يحتبس علي هيئه بحيره داخليه او سمك من الجليد‏، او يتحرك علي هيئه مجري مائي يفيض في النهايه الي البحار والمحيطات‏، وباقي ماء المطر يتسرب الي ما تحت سطح الارض اذا كانت نوعيه كل من التربه والحجاره المكونه لسطح الارض تسمح بذلك‏، وتلعب جذور النباتات دورا مهما في المساعده علي تشقق كل من التربه والحجاره السطحيه‏، وبالتالي تزيد من قدرتها علي خزن الماء‏.‏
كذلك تلعب تضاريس سطح الارض دورا مهما في خزن الماء تحته‏، فكلما كانت التضاريس لطيفه الانحدار سمح ذلك ببقاء ماء المطر لفتره اطول فوق سطح ارض المنطقه مما يساعد علي تشبع كل من التربه واحجار سطح الارض بماء المطر‏، وعلي العكس من ذلك فانه كلما زاد انحدار سطح الارض قلت الفرص لتحقيق ذلك‏.‏
ويتحرك الماء المخزون تحت سطح الارض بفعل الجاذبيه من المناطق المرتفعه الي المنخفضات من الارض تماما كما يجري الماء في مختلف مجاريه السطحيه‏، الا ان الماء المخزون تحت سطح الارض يتاثر بفروق الضغط الداخلي عليه من وزن كم الماء الذي يعلوه‏، ومن ضغوط الصخور المحيطه به‏، وبزياده تلك الضغوط قد يتحرك هذا الماء ضد الجاذبيه فيفيض مكونا عددا من العيون او الينابيع او البحيرات في مستويات عليا من الارض‏، او يتحرك ليغذي الانهار‏.‏ وعلي ذلك فان تحرك الماء تحت سطح الارض تحكمه قوانين الجاذبيه بين نقطتين مختلفتين في المنسوب‏، وقوانين الاواني المستطرقه بين نقطتين بينهما فارق كبير في الضغط‏.‏
وفي صخور متوسطه النفاذيه يتحرك الماء المخزون تحت سطح الارض ببطء شديد يتراوح بين نصف السنتيمتر والسنتيمتر ونصف في اليوم الكامل‏، ويرتفع ذلك الي مائه متر في اليوم وسط صخور عاليه المساميه و النفاذيه من مثل الحصي والبازلت الممزق بالشروخ والشقوق‏، وقد تتدني حركه الماء وسط الصخور المتبلوره الي عشرات قليله من السنتيمترات في السنه‏، بينما تبلغ سرعه تحرك الماء الجاري علي سطح الارض الي مترين في الثانيه الواحده‏، وذلك في ابطا المجاري المائيه المعروفه‏.‏
وبطء حركه الماء المخزون تحت سطح الارض يمثل صوره من صور الحكمه الالهيه في ابداع الخلق‏، وذلك لكي يبقي هذا الماء المخزون لاطول مده ممكنه في المنطقه التي خزن فيها‏(‏ تصل الي عشرات الالاف من السنين‏)‏ لانه خزن في وقت كان المطر فيه غزيرا‏، وكانت المجاري المائيه السطحيه كافيه لسد حاجات السكان‏، وبعد تغير المناخ‏، وندره المطر‏، يبقي المخزون من الماء تحت سطح الارض هو مصدر الماء الرئيسي لساكني المنطقه‏، وبتغير المناطق المناخيه يبقي المخزون المائي تحت سطح الارض شاهدا لله‏(‏ تعالي‏)‏ بتدبير امر الكون بعلمه وحكمته وقدرته ابلغ تدبير‏، وباعظم تقدير‏، فسبحان الذي خزنه حتي ان الاوان لاستخدامه‏...!!‏
خامسا‏:‏ تباين الصفات المائيه لتربه الارض ولحجارتها وصخورها‏:‏
تتباين الصفات المائيه لتربه الارض ولحجارتها بتباين صفاتها الطبيعيه‏، والكيميائيه‏، والميكانيكيه‏، ومنها المساميه والنفاذيه‏، والصفات الشعريه‏، وقدره حبيباتها علي الاحتفاظ بالماء حول كل حبه منها علي هيئه اغشيه تحيط بها‏، وقدره كل منها علي التوصيل الحراري‏، والكهربي‏، وعلي توصيل الموجات الصوتيه‏، والاهتزازيه‏، وعلي احتواء نسب معينه من الاملاح القابله للذوبان في الماء او التفاعل معه‏، ومنها درجه اللدونه او المرونه‏ (Plasticity)، والقدره علي الانتفاخ‏ (Infiation Capacity)، وعلي التشرب بالماء‏ (Soaking Capacity)، وعلي الانكماش ‏(Shrinkage capacity)، وعلي الهبوط ‏(SutbsidenceCapacity).‏
فالحجاره الصلصاليه علي سبيل المثال يتغير شكلها بتغير كميه الماء المقيد فيها‏، لانها تتحول من صخور صلبه او شبه صلبه الي الحاله المائعه تماما بزياده كميه الماء فيها‏، وبذلك يمكن الحكم علي امكان مقاومتها للاحمال الخارجيه‏، وعلي قدرتها علي الثبات فوق المنحدرات او هبوطها منها‏.‏
وبتمدد المسام الدقيقه للحجر بعد تشربه بالماء يمكن ان ينتفخ حجمه وان يتغير شكله‏، فاذا سحب منه الماء انكمش‏، وتصاحب عمليه الانكماش في الحجم عاده بتشقق الحجاره وانفلاقها فيخرج منها الماء اذا كانت خازنه له بكميات كبيره‏.‏
وتتباين تربه الارض وحجارتها كذلك في قدرتها علي الانتفاخ بالماء والانكماش بفقده تباينا كبيرا‏;‏ كما تتباين في قابليتها للهبوط بتاثير وزنها الذاتي‏، ويزيد ذلك بصوره ملحوظه كلما دقت حبيبات الحجر او التربه‏، وزادت فيها نسب تجانسها‏، ومساميتها‏، وخاصيتها الشعريه‏، والاملاح القابله للذوبان في الماء‏.‏
ويشاهد هبوط كل من التربه والحجاره المكونه لسطح الارض بصفه خاصه في المناطق التي يضخ من مخزونها المائي تحت سطح الارض بكميات مبالغ فيها‏، كما هو الحال في حوض لندن الذي يهبط بمعدل يتراوح بين ربع ونصف المتر في السنه‏، وارض المكسيك التي وصل الهبوط فيها الي اكثر من عشره امتار خلال السنوات القليله الماضيه‏.‏
سادسا‏:‏ تباين زاويه الانحدار للتربه او للحجاره‏:‏
تعتبر قيمه زاويه الانحدار الطبيعي للتربه او للحجاره المكونه لسطح الارض عاملا اساسيا لثباتها فوق المنحدرات‏، ولكل نوع منها زاويه انحدار قصوي اذا تعدتها فانها تنهار فورا‏، وتعتمد قيمه هذه الزاويه علي نوع التربه او الحجاره‏، وعلي تركيبها الكيميائي والمعدني والميكانيكي‏، وعلي درجه تشبعها بالماء‏.‏ وتقل قيمه هذه الزاويه بزياده كل من الرطوبه‏، وكميه الماء المخزون‏.‏ واذا وصل اي جزء من التربه او الحجر الي زاويه انحداره فانه ينهار في الحال هابطا من اعلي مناسيب سفوح الجبال الي اخفض مستوياتها‏.‏ ويلعب الماء المخزون في تربه وحجاره وصخور الارض دورا مهما في انهيارها وهبوطها بالكامل‏.‏
سابعا‏:‏ انواع الماء المخزون تحت سطح الارض‏:‏
يقسم الماء المخزون تحت سطح الارض من اعلي الي اسفل الي النطق التاليه‏:‏
‏(1)‏ نطاق الارتشاح‏ (Vadose Water Zone):‏
وهو نطاق سطحي رقيق يتراوح سمكه بين نصف متر وعشره امتار‏، ويتسرب عبره كل من الماء السطحي وماء المطر الي المخزون المائي تحت سطح الارض‏، والماء فيه طليق‏، ولكنه غير ثابت فيظهر في مواسم الامطار والفيضانات والرشح الشديد‏، ويختفي في مواسم الجفاف‏، والجزء الاكبر من مسام هذا النطاق مشغول بالهواء‏، ولذا يعرف باسم نطاق التهويه‏(Aeriation Zone).‏
‏(2)‏ نطاق الماء الشعري‏ (Capillary Water Zone):‏
ويوجد بين نطاق الارتشاح الي اعلي‏، ونطاق التشبع الي اسفل‏، وتمتلئ مسامه الشعريه الدقيقه بالماء‏، والكبيره بالهواء‏.‏
‏(3)‏ نطاق التشبع‏ (Saturation Zone):‏
ويتكون عاده من الحجاره‏، عاليه المساميه والنفاذيه او عاليه التشقق‏، وفيها يكون الماء حرا غير حبيس‏، ولكنه قد يكون محصورا حصرا محليا‏(‏ اي في اجزاء من الخزان‏)، ويمتاز النظام المائي هنا بانه مرتبط ارتباطا وثيقا بمستويات الاحواض والمجاري المائيه المفتوحه‏، من مثل الانهار‏، والبحيرات والمستنقعات‏، وموصول بالعوامل الجويه المحيطه به‏، وتوجد اسفل نطاق التشبع عاده صخور غير منفذه او ضعيفه النفاذيه للماء تعرف باسم الصخور الصاده للماء‏، وهي حجاره تقل نفاذيتها مئات الي الاف المرات عن نفاذيه الحجاره الحامله للماء‏، وذلك لانه لا يوجد في حجاره الارض وصخورها وتربتها ما تنعدم فيه النفاذيه انعداما تاما‏.‏
وتتم تغذيه مخزون الماء في نطاق التشبع من كل من الامطار‏، والانهار‏، وغيرها من المجاري والمسطحات المائيه العذبه علي سطح اليابسه‏، وقد يتكون النهر ابتداء من تفجر الماء من نطاق التشبع‏، وفي هذه الحاله يقع الخزان المائي في مسار مجري النهر قريبا من منابعه‏، وكما يعطي نطاق التشبع الماء للنهر‏، فانه قد يتغذي من مائه‏، فيصل معدل التغير في مستوي الماء المخزون بين ثلاثه واربعه امتار في فتره فيضان الانهار الكبيره الجاريه بالقرب من الخزان المائي والماء في نطاق التشبع يتغير تركيبه الكيميائي‏، وكمياته‏، ومعدلات تدفقه مع الزمن‏.‏
‏(4)‏ الماء الارتوازي‏ (Artesian Water):‏
وهو ماء حبيس‏، محصور‏، يوجد علي اعماق كبيره نسبيا في صخور ذات اعمار متباينه‏، عاليه المساميه والنفاذيه‏، او شديده التشقق‏، ومحفوظه بين نطاقين من الصخور الصاده للماء‏، وهذه اما يحفر عليها‏، او تظهرها الحركات الارضيه علي هيئه اعداد من العيون والينابيع‏، وقد تتفجر منها الانهار كذلك‏، وكلها حقائق لم تصل اليها العلوم المكتسبه الا في نهايه القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين‏، ولم تكتمل معرفه الانسان بها الا في العقود المتاخره من القرن العشرين‏.‏

من جوانب الاعجاز العلمي في الايه الكريمه
هكذا يتضح لنا جانب من جوانب الاعجاز العلمي والنفسي في هذا النص القران المعجز‏، وتتضح روعه التعبير فيه بهذه الدقه العلميه الفائقه‏، والشمول للحقائق الكونيه والاحاطه بها‏، والتشخيص لدخائل النفس اليهوديه المريضه وقسوه قلوب اصحابها وذلك بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ مخاطبا هذه الشرذمه الظالمه الباغيه‏، والمجرمه المعتديه من اليهود القدامي‏، والمتهودين الجدد‏:‏
ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجاره او اشد قسوه‏، وان من الحجاره لما يتفجر منه الانهار‏، وان منها لما يشقق فيخرج منه الماء‏، وان منها لما يهبط من خشيه الله وما الله بغافل عما تعملون
‏(‏البقره‏:74).‏
وذلك لان الحجاره الخازنه للماء قد تتفجر منها الانهار بفعل الضغوط الداخليه الهائله عليها‏، ومنها ضغط الماء المخزون فيها‏، او بفعل الضغوط الخارجيه عليها‏، او بهما معا‏، ومن اهم الضغوط الخارجيه ما يحدثه تحرك الواح الغلاف الصخري للارض‏.‏
وقد تتشقق تلك الحجاره فيخرج منها الماء علي هيئه الينابيع‏، والعيون‏، والنافورات الطبيعيه‏، والابار الارتوازيه‏، وقد تنهار تلك الحجاره من قمم الجبال وعلي سفوحها هابطه من خشيه الله القائل‏:‏ تسبح له السماوات السبع والارض ومن فيهن وان من شيء الا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم انه كان حليما غفورا‏.‏ ‏(‏ الاسراء‏:44).‏
اما قلوب شياطين الانس من اليهود القدامي والمتهودين الجدد‏، وقد طبعت علي الكفر والالحاد والشرك‏، وعلي كراهيه الخلق‏، والحقد عليهم‏، وعلي تحريف الدين وتزييف الحقائق‏، وعلي الغرور الكاذب‏، والعلويه المصطنعه فانها لم تلن ولن تلين ابدا‏...!!‏
وليس ادل علي ذلك من ممارساتهم الوحشيه علي ارض فلسطين التي اغتصبوها بموامره دوليه خسيسه‏، وظلوا ينكلون بشعبها الاعزل علي مدي قرن من الزمان او يزيد‏، في قسوه وهمجيه لم يعرف لهما التاريخ مثيلا‏...!!‏
ولن يفلت هولاء المجرمون السفاحون القتله واللصوص من العقاب في الدنيا قبل الاخره‏، فالايام دول‏، وكما تدين تدان‏...!!‏ ولابد من ازاله كيانهم الغاصب ان عاجلا او اجلا‏...!!‏ ولن تبق امريكا حاميه لظلمهم وجورهم ابد الدهر‏، فقد بدا نجمها في الافول‏، وسوف تنهار باسرع مما انهار به الاتحاد السوفيتي ان شاء الله‏(‏ تعالي‏)، وقلوب الملايين من الخلق تدعو عليهم ليل نهار‏، ولعل الله‏(‏ تعالي‏)‏ ان يرينا فيهم يوما كيوم عاد وثمود‏، وفي ربيبتهم الفاجره الغادره التي تسمت زورا باسم نبي من انبياء الله‏(‏ هو يعقوب او اسرائيل‏)‏ عليه السلام‏، والله وانبياوه جميعا ابرياء منهم ومن جرائمهم التي سوف يلقون الجزاء عليها‏..‏ وسيعلم الذين ظلموا اي منقلب ينقلبون ‏....‏ والله غالب علي امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون‏...!!‏
ونحن نستقرئ ذلك كله من هذا النص القراني الموجز المعجز من سوره البقره الذي يشهد لكل ذي بصيره بان القران الكريم هو كلام الله الخالق‏، وان النبي الخاتم الذي تلقاه كان موصولا بالوحي‏، ومعلما من قبل خالق السماوات والارض‏، فصلي الله وسلم وبارك عليه‏، وعلي اله وصحبه‏، ومن تبع هداه ودعا بدعوته الي يوم الدين‏..‏ والحمد لله رب العالمين‏.‏



إرسال تعليق