اخر الاخبار

breaking/مقالات الدكتور/9
مقالات الدكتور

7:32 ص

تكبير النص تصغير النص أعادة للحجم الطبيعي
بقلم الدكتور/ زغلول النجار
نشر في جريدة الأهرام تحت عمود "من أسرار القرآن" بتاريخ 25-مارس-2002 ضمن سلسلة "من الآيات الكونية في القرآن الكريم"

هذا النص القراني المعجز جاء في مطلع الثلث الاخير من سوره فصلت وهي سوره مكيه‏، واياتها اربع وخمسون‏، ويدور محورها الرئيسي حول القران الكريم وعن كونه هدي وشفاء للمومنين‏، علي الرغم من صد المشركين والكافرين عنه‏، وعن دعوته الرئيسيه الي توحيد الله والاستقامه علي هديه‏.‏
وقد استهلت السوره بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
حم‏*‏ تنزيل من الرحمن الرحيم‏*‏ كتاب فصلت اياته قرانا عربيا لقوم يعلمون ‏(‏ فصلت‏:1‏ ‏3)‏
وحم من الحروف المقطعه التي افتتحت بها تسع وعشرون سوره من سور القران الكريم‏، والتي تضم اسماء نصف عدد حروف الهجاء الثمانيه والعشرين‏، والتي تعتبر من اسرار القران علي الرغم من المحاولات العديده التي بذلت من اجل تفسير دلالاتها‏.‏
وبعد هذا الاستهلال‏، تحدثت السوره عن ان القران الكريم هو تنزيل من الله الرحمن الرحيم‏، وانه كتاب فصلت اياته اي‏:‏ ميزت لفظا ومعني‏، وانه انزل بلسان عربي ليخاطب العرب في المقام الاول‏، وليحمله العرب الي غيرهم من الامم‏، وقد يحتج نفر من غير العرب علي انزاله بالعربيه‏، ولو انه انزل بايه لغه اخري لاثير نفس التساول‏:‏ لماذا انزل بهذه اللغه دون غيرها؟
ويرد عليهم ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ في نفس السوره بقوله ‏(‏ عز من قائل‏):‏
ولو جعلناه قرانا اعجميا لقالوا لولا فصلت اياته‏...‏
وتركز السوره علي القران الكريم موكده انه كلام الله الذي انزله بشيرا ونذيرا‏، ووصفه بقوله‏:..‏ وانه لكتاب عزيز‏*‏لاياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ‏(‏فصلت‏41‏ و‏42)‏
وبينت السوره موقف كل من المومنين والمشركين من هذا الكتاب العزيز‏، وامرت رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بالتاكيد علي بشريته‏، واصطفائه للنبوه وللرساله ولتلقي الوحي من الله‏، وتبليغه للناس كافه في دعوه سماويه الي التوحيد الخالص لله الخالق‏(‏ بغير شريك ولاشبيه ولامنازع‏)‏ والتحذير من الوقوع في جريمه الشرك بالله‏، والتاكيد علي عواقبها الوخيمه في الدنيا والاخره‏، واستشهدت السوره الكريمه بعدد من ايات الله في الكون علي تفرد الخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ بالالوهيه والربوبيه والوحدانيه‏، وعلي طلاقه قدرته في ابداع خلقه‏، ووظفت كل ذلك في اثبات قدرته‏(‏ تبارك اسمه‏)‏ علي الافناء واعاده الخلق والبعث من جديد‏.‏
وتنذر سوره فصلت المعرضين عن دين الله بعقاب من مثل عقاب قوم عاد وثمود‏، وعقاب غيرهم من الامم التي قد خلت من قبلهم من كل من الجن والانس‏، وتذكر ببعض مشاهد العذاب في الاخره‏، ومن اخطرها حوار الخاطئين مع جوارحهم التي سوف تشهد عليهم وعلي جرائمهم التي ارتكبوها في حياتهم الدنيا‏، وحوار المشركين مع من اشركوا بهم‏.....!!‏
كما تتحدث السوره الكريمه عن عدد من المبشرات للمومنين الذين امنوا بالله ربا‏، وبالاسلام دينا‏، وبسيدنا محمد‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ نبيا ورسولا‏، واستقاموا علي منهج الله‏، ومنها ان الملائكه تتنزل عليهم في الحياه الدنيا وفي الاخره‏، وفي لحطات الموت وسكراته‏، وفي اثناء حشرجه الصدر‏، وخروج الروح‏:‏ مطمئنه اياهم برضاء الله عنهم‏، ومغفرته لهم‏، ورحمته بهم‏، ومبشره بالنعيم المقيم الذي ينتظرهم ان شاء الله تعالي‏.‏
وتقارن السوره الكريمه بين احوال كل من المومنين والكافرين في الدنيا والاخره‏، وتتحدث عن شيء من اخلاق الدعاه الي الله‏، واساليبهم في الدعوه اليه‏، كما تمايز بين كل من الخير والشر‏، والحسنه والسيئه‏، وتوكد انهما لايستويان ابدا‏، وتثبت رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بان من قبله من الانبياء والمرسلين قد جوبهوا بمثل ماقوبل به من الكفار والمشركين‏، وتطمئنه بان الله‏(‏ تعالي‏)‏ هو صاحب المغفره وهو في الوقت نفسه ذو عقاب اليم‏....، وان من عمل صالحا فلنفسه ومن اساء فعليها‏..‏ وان الله‏(‏ تعالي‏)‏ ليس بظلام للعبيد‏، وانه‏(‏ تعالي‏)‏ يرد اليه علم الساعه‏، وعلم كل شيء‏، وهو‏(‏ سبحانه‏)‏ علام الغيوب‏، وتخلص الي الحديث عن شيء من طبائع النفس الانسانيه‏، وتختتم بهذا الوعد الالهي القاطع‏:‏
سنريهم اياتنا في الافاق وفي انفسهم حتي يتبين لهم انه الحق اولم يكف بربك انه علي كل شيء شهيد‏*‏ الا انهم في مريه من لقاء ربهم الا انه بكل شيء محيط ‏(‏ فصلت‏:53‏و‏54)‏
وفي هاتين الايتين الكريمتين من التاكيد القاطع بان مستقبل الانسانيه سوف يري من ايات الله في الافاق وفي الانفس مايشهد علي صدق القران الكريم‏، وان جدل الكافرين حول قضيه البعث وشكهم في امكانيه وقوعه نابع من سقوطهم في خطا القياس علي الله‏(‏ تعالي‏)‏ بقدرات الانسان المحدوده مما دفعهم الي ما هم فيه من كفر وضلال‏...!!‏
ومن الايات الكونيه التي استشهدت بها سوره فصلت مايلي‏:‏
‏(1)‏ خلق الارض في يومين‏(‏ اي علي مرحلتين‏).‏
‏(2)‏ خلق الجبال‏.‏
‏(3)‏ مباركه الارض بتهيئتها للعمران‏، وتقدير اقواتها فيها في اربعه ايام‏(‏ اي‏:‏ اربع مراحل شامله المرحلتين السابقتين‏).‏
‏(4)‏ اتمام بناء الكون بجعل السماوات سبعا‏، كما ان الاراضين سبع‏، وتزيين السماء الدنيا بالنجوم‏، وجعلها حفظا لها‏.‏
‏(5)‏ عقاب الكافرين من قوم عاد بريح صرصر عاتيه‏.‏
‏(6)‏ عقاب الكافرين من قوم ثمود بالصاعقه والطاغيه‏.‏
‏(7)‏ شهاده كل من سمع وابصار وجلود الكافرين علي جرائمهم التي ارتكبوها في الحياه الدنيا‏.‏
‏(8)‏ قدره الله‏(‏ تعالي‏)‏ علي انطاق كل شيء‏.‏
‏(9)‏ تبادل كل من الليل والنهار مما يشير الي دوران الارض حول محورها‏.‏
‏(10)‏ حركات كل من الشمس والقمر‏.‏
‏(11)‏ اهتزاز الارض وربوها‏(‏ اي انتفاخها وارتفاعها الي اعلي‏)‏ بمجرد نزول الماء عليها‏، وذلك لكي ترق رقه شديده فتنشق لتفسح طريقا سهلا امنا للنبته الطريه‏(‏ السويقه‏)‏ المنبثقه من داخل البذره النابته‏، وتشبيه هذا الاحياء للارض باحياء الموتي‏، وانبات كل من عجب ذنبه كما تنبت البقله من حبتها طبقا لحديث رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏).‏
‏(12)‏ رد علم الساعه وعلم كل شيء الي الله تعالي‏.‏
‏(13)‏ الوعد المستقبلي بان الله‏(‏ تعالي‏)‏ سوف يري الانسان من ايات الخلق في الافاق والانفس مايشهد بصدق كل ماجاء بالقران الكريم‏.‏
‏(14)‏ التاكيد علي ان من اسباب كفر الكافرين شكهم في امكانيه حدوث البعث لقياسهم علي الله‏(‏ تعالي‏)‏ بمقاييس البشر‏، والتاكيد علي ان الله محيط بكل شيء‏.‏
وسوف اقصر حديثي هنا علي تبادل كل من الليل والنهار وابدا باقوال المفسرين السابقين في تلك القضيه‏.‏

اقوال المفسرين
في قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
ا صوره من سفينه الفضاء جاليليو لكل من الارض والقمر في وسط ظلمه الكون ويري نصف كل منهما المواجه للشمس منيرا والنصف الاخر غارقا في ظلام دامس
ب احد رواد الفضاء يسبح في ظلمه الكون ويري طبقه نور النهار علي سطح الارض خطا رفيعا ازرق ( 200 كم )
ومن اياته الليل والنهار والشمس والقمر لاتسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن ان كنتم اياه تعبدون‏ (‏ فصلت‏:37)‏
ذكر ابن كثير‏(‏ يرحمه الله‏)‏ مانصه‏:‏ يقول تعالي منبها خلقه علي قدرته العظيمه‏، وانه الذي لانظير له وانه علي مايشاء قدير‏:(‏ومن اياته الليل والنهار والشمس والقمر‏)‏ اي انه خلق الليل بظلامه‏، والنهار بضيائه ‏(‏ نوره‏)، وهما متعاقبان لايفتران‏، والشمس واشراقها والقمر وضياءه‏(‏ ونوره‏)‏ وتقدير منازله في فلكه‏، واختلاف سيره في سمائه‏، ليعرف باختلاف سيره وسير الشمس مقادير الليل والنهار‏، والشهور والاعوام‏، ويتبين بذلك حلول اوقات العبادات والمعاملات‏، ثم لما كانت الشمس والقمر احسن الاجرام المشاهده‏...، نبه تعالي علي انهما مخلوقان عبدان من عبيده‏، تحت قهره وتسخيره فقال‏:(‏ لاتسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن ان كنتم اياه تعبدون‏)‏ اي‏:‏ ولاتشركوا به فما تنفعكم عبادتكم له مع عبادتكم لغيره‏، فانه لايغفر ان يشرك به‏....‏
وذكر صاحب الظلال‏(‏ رحمه الله رحمه واسعه‏)‏ مانصه‏:‏ وهذه الايات معروضه للانظار‏، يراها العالم والجاهل‏، ولها في القلب البشري روعه مباشره‏، ولو لم يعلم الانسان شيئا عن حقيقتها العلميه‏.‏ فبينها وبين الكائن البشري صله اعمق من المعرفه العلميه‏، بينها وبينه هذا الاتصال في النشاه‏، وفي الفطره‏، وفي التكوين‏، فهو منها وهي منه‏، تكوينه تكوينها‏، ومادته مادتها‏، وفطرته فطرتها‏، وناموسه ناموسها‏، والهه الهها‏..‏ فهو من ثم يستقبلها بحسه العميق في هزه وادراك مباشر لمنطقها العريق‏!!‏
لهذا يكتفي القران غالبا بتوجيه القلب اليها‏، وايقاظه من غفلته عنها‏، هذه الغفله التي ترد عليه من طول الالفه تاره‏، ومن تراكم الحواجز والموانع عليه تاره‏، فيجلوها القران عنه‏، لينتفض جديدا حيا يقظا يعاطف هذا الكون الصديق‏، ويتجاوب معه بالمعرفه القديمه العميقه الجذور‏.‏
وصوره من صور الانحراف تلك التي تشير اليها الايه هنا‏.‏ فقد كان قوم يبالغون في الشعور بالشمس والقمر شعورا منحرفا ضالا فيعبدونهما باسم التقرب الي الله بعباده ابهي خلائقه‏!!‏ فجاء القران ليردهم عن هذا الانحراف‏، ويزيل الغبش عن عقيدتهم المدخوله ويقول لهم‏:‏ ان كنتم تعبدون الله حقا فلا تسجدوا للشمس ولا للقمر‏(‏ واسجدوا لله الذي خلقهن‏)‏ فالخالق هو وحده الذي يتوجه اليه المخلوقون اجمعون‏.‏ والشمس والقمر مثلكم يتوجهان الي خالقهما فتوجهوا معهم الي الخالق الواحد الذي يستحق ان تعبدوه‏، ويعيد الضمير عليهما مونثا مجموعا‏(‏ خلقهن‏)‏ باعتبار جنسهما واخواتهما من الكواكب والنجوم‏، ويتحدث عنهن بضمير المونث العاقل ليخلع عليهن الحياه والعقل‏، ويصورهن شخوصا ذات اعيان‏!!.‏
وجاء في صفوه البيان لمعاني القران‏(‏ علي كاتبه من الله الرضوان‏)‏ ان في هذه الايه الكريمه ردا قاطعا علي عبده الشمس والقمر‏، كالصابئه الذين يعبدون الكواكب‏.‏
وجاء في صفوه التفاسير‏(‏جزي الله كاتبه خيرا‏)‏ مانصه‏:...‏ ومن علاماته الداله علي وحدانيته وقدرته تعاقب الليل والنهار‏، وتذليل الشمس والقمر‏، مسخرين لمصالح البشر‏!.‏

الليل والنهار في القران الكريم
جاء ذكر الليل في القران الكريم اثنتين وتسعين مره‏، منها ثلاثه وسبعون بلفظ‏(‏ الليل‏)، ومره واحده بلفظ‏(‏ ليل‏)، وثماني مرات بلفظ‏(‏ ليله‏)، وخمس مرات بلفظ‏(‏ ليلا‏)، وثلاث مرات بلفظ‏(‏ ليال‏)، ومره واحده بكل من اللفظين‏(‏ ليلها‏)‏ و‏(‏ليالي‏).‏
وفي المقابل جاء ذكر النهار في القران الكريم سبعه وخمسين مره منها اربع وخمسون بلفظ‏(‏ النهار‏)، وثلاث مرات بلفظ‏(‏ نهارا‏)،
كما وردت الفاظ‏(‏ الصبح‏)‏ و‏(‏الاصباح‏)، و‏(‏الفلق‏)، و‏(‏بكره‏)‏ ومشتقاتها بمدلول النهار في ايات اخري عديده‏، كما جاءت كلمه‏(‏ يوم‏)‏ احيانا بمعني النهار في عدد من ايات القران الكريم
وفي هذه الايات يمن علينا ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ بتبادل الليل والنهار ويعتبرهما من اياته الكبري لان في ذلك استقامه للحياه علي الارض‏، وعونا للانسان علي تحديد الزمن‏، والتاريخ للاحداث المتتاليه‏...، وبدون هذا التبادل بين الليل المظلم والنهار المنير تتوقف الحياه علي الارض‏، ويتلاشي احساس الانسان بمرور الزمن‏، وتتوقف قدرته علي متابعه الاحداث والتاريخ لها‏.‏
والليل والنهار ايتان كونيتان عظيمتان من ايات الله في الخلق تشهدان علي دقه بناء الكون‏، وعلي انتظام حركه الارض حول محورها المائل بقدر محدد‏، وبدقه فائقه‏، في مدار محدد حول الشمس‏، وما يستتبعه ذلك من تحديد لسنه الارض‏، وتبادل للفصول المناخيه‏، ومرور للشهور‏، والاسابيع‏، والايام‏، وتعاقب الليل والنهار علي نصفي الارض‏.‏
ويحدد سنتنا دوره كامله للارض في مدارها حول الشمس‏، ويقسمها الي اثني عشر شهرا دوره القمر حول الارض دوره كامله في كل شهر‏، كما يمكن تحديد كل شهر من تلك الشهور بواسطه البروج التي تتراءي للناظر من فوق سطح الارض مع جريها في مدارها حول الشمس‏، كما تحدد منازل القمر كلا من الاسابيع‏، والايام بدقه فائقه‏، ويحدد اليوم تعاقب كل من الليل والنهار بانتظام دقيق‏، واحكام بالغ‏، وتحدد المزوله اوقات اليوم من طلوع الشمس الي غروبها‏.‏ علي ذلك فان السنه الهجريه‏(‏ الاسلاميه‏)‏ هي سنه شمسيه قمريه‏، ويشير الي ذلك قول ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
ومن اياته الليل والنهار والشمس والقمر‏....‏‏(‏ فصلت‏:37)‏

تبادل الليل والنهار في منظور العلوم الكونيه
ان التبادل المنتظم بين الليل المظلم والنهار المنير علي نصفي الكره الارضيه هو من الضرورات اللازمه للحياه الارضيه‏، ولاستمراريه وجودها بصورها المختلفه حتي يرث الله‏(‏ تعالي‏)‏ الارض ومن عليها‏، فبهذا التبادل بين الظلمه والنور يتم التحكم في توزيع مايصل الي الارض من الطاقه الشمسيه‏، وبالتالي يعين علي التحكم في درجات الحراره‏، والرطوبه‏، وكميات الضوء في مختلف البيئات الارضيه‏، كما يعين علي التحكم في العديد من الانشطه الحياتيه وغير الحياتيه من مثل التنفس والايض في كل من الانسان والحيوان‏، وعمليات النتح والتمثيل الضوئي في النباتات‏، كما يتم ضبط التركيب الكيميائي للغلافين الغازي والمائي المحيطين بالارض‏، وضبط الكثير من دورات النشاط الارضي من مثل دوره الماء بين الارض والطبقات الدنيا من غلافها الغازي‏، وحركات الرياح والسحاب في هذا الغلاف‏، وتوزيع نزول المطر منه‏(‏ بتقدير من الله‏)، كما تتم دوره تعريه الصخور بتفتيتها‏، ونقل هذا الفتات او ابقائه في مكانه‏، من اجل تكوين التربه‏، او الرسوبيات والصخور الرسوبيه ومابها من خيرات ارضيه‏.‏
وبالاضافه الي ذلك فان في اختلاف الليل المظلم والنهار المنير تقسيما لليوم الارضي الي فتره للحركه والعمل والنشاط‏، وفتره للراحه والاستجمام والسكون‏، فالانسان علي سبيل المثال محتاج الي السكينه بالليل كي يخلد فيه الي شيء من الراحه النفسيه بالعباده والتفكر‏، والراحه البدنيه بالاسترخاء والنوم والاغفاء حتي يستعيد كلا من نشاطه البدني والذهني‏، ويستجمع قواه فيتهيا للعمل بالنهار التالي وما يتطلبه ذلك من القيام بواجبات الاستخلاف في الارض‏، وقد ثبت علميا ان افضل النوم يكون بالليل‏، واقله فائده هو نوم النهار‏(‏فيما عدا فتره القيلوله‏)، كما ثبت ان كثره النوم بالنهار توثر في نشاط الدوره الدمويه في جسم الانسان‏، وتتهدده بالتيبس في العضلات‏،وتودي الي تراكم الدهون‏، وزياده الوزن‏، والي العديد من صور التوتر العصبي والقلق النفسي‏، وربما كان من مبررات التوجيه الرباني بالنوم بالليل والنشاط بالنهار‏، ان طبقات الحمايه التي اوجدها ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ في الغلاف الغازي للارض‏، ومن اهمها النطق المتاينه‏(Ionospheres)‏ ومابها من احزمه الاشعاع‏(RadiationBelts)‏ تتمدد بالنهار فتزداد قدراتها علي حمايه الحياه الارضيه مما يسمح للانسان بالحركه والنشاط دون مخاطر‏، وهذه النطق تنكمش انكماشا ملحوظا بالليل مما يقلل من قدراتها علي الحمايه فينصح الانسان بالركون الي النوم والراحه حمايه له من تلك المخاطر‏، وفي ذلك يقول ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
وجعلنا الليل لباسا‏*‏ وجعلنا النهار معاشا‏ (‏ النبا‏:11،10)‏
وقال‏(‏ عز من قائل‏):‏
فالق الاصباح وجعل الليل سكنا والشمس والقمر حسبانا ذلك تقدير العزيز العليم ‏(‏الانعام‏:96)‏
وقال‏(‏تبارك اسمه‏):‏
هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا ان في ذلك لايات لقوم يسمعون ‏(‏يونس‏:67)‏
وقال‏(‏ سبحانه‏):‏
الم يروا انا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا ان في ذلك لايات لقوم يومنون ‏(‏النمل‏:86)‏
وقال‏(‏ تعالي‏):‏
قل ارايتم ان جعل الله عليكم الليل سرمدا الي يوم القيامه من اله غير الله ياتيكم بضياء افلا تسمعون‏*‏ قل ارايتم ان جعل الله عليكم النهار سرمدا الي يوم القيامه من اله غير الله ياتيكم بليل تسكنون فيه افلا تبصرون‏*‏ ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ‏(‏ القصص‏:71‏ ‏73)
وقال‏(‏ سبحانه وتعالي‏):‏
الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا ان الله لذو فضل علي الناس ولكن اكثر الناس لايشكرون‏* (‏ غافر‏:61)‏
ثم ان التبادل بين الليل المظلم‏، والنهار المنير‏، يحدد لنا يوم الارض‏، ويعيننا علي ادراك الزمن‏، وعلي تحديد الاوقات بدقه وانضباط ضروريين للقيام بمختلف الاعمال‏، ولاداء كل العبادات‏، وانجاز كافه المعاملات‏، والوفاء بمختلف العهود والمواثيق والعقود‏، وغير ذلك من النشاطات الانسانيه‏، وان هذه النعمه لهي بحق من نعم الله‏(‏ تعالي‏)‏ علي الانسان في هذه الحياه‏، وعلي كافه الاحياء الارضيه من حوله‏، لانه بدونها لاتستقيم الحياه علي الارض‏، ولايستطيع الانسان ان يميز ماضيا من حاضر او مستقبل‏، وبالتالي فانه بدونها لابد وان تتوقف مسيره الحياه‏....!!!‏
من هنا كان التدبر في ظاهره تعاقب الليل والنهار دعوه الي الخلق كافه للايمان بالله‏، وادراك شيء من بديع صنعه في هذه الحياه‏، ومن هنا ايضا جاءت الايه الكريمه التي نحن بصددها‏، وغيرها من الايات التي تشير الي تبادل الليل والنهار في صياغه معجزه شانها في ذلك شان كل ايات القران الكريم ومن جوانب ذلك الاعجاز اشارتها الي اعداد من الحقائق الكونيه التي لم تكن معروفه وقت تنزل القران الكريم‏، ولا لقرون متطاوله من بعد ذلك مما يجزم بانه لايمكن ان يكون صناعه بشريه‏، بل هو كلام الله الخالق الذي لاياتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه‏، ويشهد للنبي الخاتم والرسول الخاتم الذي تلقاه بالنبوه الحقه‏، والرساله الخاتمه‏.‏

الشواهد العلميه المستقاه من تبادل الليل والنهار
‏(1)‏ التاكيد علي كرويه الارض‏:‏
فان تبادل الليل والنهار علي نصفي الارض وتعاقبهما وايلاج كل منهما في الاخر‏، واختلافهما‏، وتقليبهما‏، وادبار احدهما وسفور الاخر‏، واغشاء نور النهار بحلكه الليل‏، وتجليه حلكه الليل بنور النهار‏، وتكوير الليل علي النهار‏، وتكوير النهار علي الليل‏، كل ذلك اشارات ضمنيه رقيقه الي كرويه الارض‏، فلو لم تكن الارض كره ما امكن حدوث شيء من ذلك ابدا‏، وابسطه تبادل الليل والنهار علي نصفي الارض‏.‏
هذه الحقيقه العلميه جاء بها القران الكريم من قبل الف واربعمائه من السنين في وقت ساد فيه الاعتقاد باستواء الارض كل الناس‏، علي الرغم من اثبات عدد من قدامي المفكرين غير ذلك‏.‏
ونزول الايات القرانيه العديده بهذه الحقيقه الكونيه الثابته في الجزيره العربيه التي كانت في ذلك الوقت القديم بيئه بدويه بسيطه‏، ليس لها ادني حظ من المعرفه العلميه ومناهجها ولا بالكون ومكوناته لمما يقطع بان القران الكريم لايمكن ان يكون صناعه بشريه‏، بل هو كلام الله الخالق الذي ابدع هذا الكون بعلمه وحكمته وقدرته‏، والذي هو ادري بصنعته من كل من هم سواه‏، وان سيدنا ونبينا محمدا‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ كان موصولا بالوحي‏، ومعلما من قبل خالق السماوات والارض‏.‏

‏(2)‏ التاكيد علي دوران الارض حول محورها امام الشمس‏:‏
فلو لم تكن الارض كرويه‏، ولو لم تكن تلك الكره تدور حول محورها امام الشمس ما تبادل الليل والنهار‏، وهذا الدوران عبرت عنه الايات القرانيه في اكثر من عشرين ايه صريحه‏، بتعبيرات ضمنيه رقيقه‏، ولكنها مصاغه صياغه علميه دقيقه‏، تبلغ من الدقه والشمول والكمال مالم يبلغه العلم الحديث منها‏:‏
ايلاج الليل في النهار‏، وايلاج النهار في الليل‏، واختلافهما‏، وتعاقبهما‏، وتقليبهما‏، وادبار احدهما واقبال الاخر‏، واغشاء النهار بالليل‏، وتجليه الليل بالنهار‏، وتكوير الليل علي النهار‏، وتكوير النهار علي الليل‏، وجعل كل منهما خلفه للاخر‏، وسريان الليل وعسعسته‏، بعد اظلامه وسجوه‏، واسفار الصبح وتنفسه وطلوع ضحاه وتجليه بعد اغشاء الليل واظلامه‏(‏ال عمران‏:27، الرعد‏:3، الحج‏:61، المومنون‏:80، النور‏:44، الفرقان‏:62، لقمان‏:29، الجاثيه‏:3‏‏5، الحديد‏:6، المدثر‏:33‏‏35، التكوير‏:17‏ ‏19، الفجر‏:4، الليل‏:2،1، الضحي‏:2،1)‏
وقد انزلت هذه الايات موكده حقيقه دوران الارض حول محورها في وقت ساد فيه الاعتقاد بثبات الارض ورسوخها‏، بمعني عدم دورانها او تحركها‏، وهو امر معجز للغايه‏.‏

‏(3)‏ التاكيد علي ان سرعه دوران الارض حول محورها امام الشمس في المراحل الاولي لخلق الكون كانت اعلي من سرعتها الحاليه‏:‏
وهذه الحقيقه لم يتوصل العلم المكتسب من ادراكها الا في العقود المتاخره من القرن العشرين‏، وقد سبقها القران الكريم باكثر من اربعه عشر قرنا وذلك بالاشاره الي هذه الحقيقه في قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏

ان ربكم الله الذي خلق السماوات والارض في سته ايام ثم استوي علي العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا والشمس والقمر والنجوم مسخرات بامره الا له الخلق والامر تبارك الله رب العالمين‏(‏ الاعراف‏:54)‏
واغشاء النهار بالليل جاء في القران الكريم اربع مرات‏(‏ الاعراف‏:54، الرعد‏:3، الشمس‏:1‏‏4، الليل‏:2،1)، والمره الوحيده التي جاءت فيها الصفه‏:‏يطلبه حثيثا اي سريعا‏، هي هذه الايه الرابعه والخمسين من سوره الاعراف لانها تتحدث عن بدايه خلق السماوات والارض‏، وهي حقيقه مدونه في هياكل الحيوانات‏، واخشاب النباتات بدقه بالغه‏، ولم يكن لاحد من الخلق المام بايه فكره عنها الا في العقود المتاخره من القرن العشرين حين اكتشف العلماء ان تبادل الليل والنهار كان يتم في العقود الجيولوجيه القديمه بسرعه فائقه جعلت من عدد الايام في السنه عند بدء الخلق اكثر من الفي يوم‏، وجعلت من طول الليل والنهار معا اقل من اربع ساعات‏، وكان ابطاء سرعه دوران الارض حول محورها بمعدل جزء من الثانيه في كل قرن من الزمان ايه من ايات الله في اعداد الارض لاستقبال الحياه‏، لان صور الحياه وفي مقدمتها الانسان ماكان ممكنا ان تتلاءم مع هذه السرعات الفائقه لدوران الارض ولا لقصر طول كل من الليل والنهار‏.‏

‏(4)‏ التاكيد علي سبح الارض في مدارها حول الشمس‏:‏
يعبر القران الكريم عن الارض في عدد من اياته بالليل والنهار كما جاء في قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك يسبحون‏*(‏ الانبياء‏:33)‏
وفي قوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
لا الشمس ينبغي لها ان تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ‏(‏ يس‏:40)‏
وذلك لان كلا من الليل والنهار عباره عن ظرف زمان‏، وليس جسما ماديا‏، ولابد للزمان من مكان يظهر فيه‏، والمكان في هذه الحاله هو كوكب الارض الذي يقتسم الليل نصفه‏، والنهار النصف الاخر في حركه دائبه‏، وتبادل مستمر‏، ولو لم تكن الارض كرويه‏، ولو لم تكن تدور حول محورها امام الشمس لما تبادل سطحها الليل والنهار في تعاقب مستمر‏، ولولا جري الارض في مدارها حول الشمس ماتغيرت البروج‏، ولو لم تكن الارض مائله بمحور دورانها علي دائره البروج بزاويه مقدارها‏66،5‏ درجه تقريبا ماتبادلت الفصول‏، ولولا علم الله بجهل الناس لتلك الحقائق في الازمنه السابقه لانزل الحقيقه الكونيه بلغه صادعه‏، قاطعه‏، ولكن لكي لايفزع الخلق في وقت تنزل القران الكريم اشار الي جري الارض في مدارها المحدد لها حول الشمس يسبح كل من الليل والنهار‏، والسبح لايكون الا للاجسام الماديه في وسط اقل كثافه منها‏، فالسبح في اللغه هو الانتقال السريع للجسم المادي بحركه ذاتيه فيه من مثل حركات كل من الارض والقمر والشمس وغيرها من اجرام السماء كل في مداره وحول جرم اكبر منه‏، ويوكد هذا الاستنتاج صيغه الجمع كل في فلك يسبحون التي جاءت في الايتين‏، لانه لو كان المقصود بالسبح الشمس والقمر فحسب لجاء التعبير بالتثنيه وكلاهما يسبحان‏.‏
‏(5)‏ التاكيد علي الرقه الشديده لطبقه النهار في الغلاف الغازي لنصف الارض المواجه للشمس‏:‏
وهي حقيقه لم يدركها الانسان الا بعد رياده الفضاء‏، في منتصف الخمسينات واوائل الستينات من القرن العشرين‏، وقد سبق القران الكريم هذا الكشف العلمي باربعه عشر قرنا وذلك في قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
وايه لهم الليل نسلخ منه النهار فاذا هم مظلمون ‏(‏ يس‏:37)‏
وهذه الايه الكريمه توكد ان الاصل في الكون الظلام‏، وان طبقه النهار في الغلاف الغازي المحيط بنصف الارض المواجه للشمس‏، والتي تتحرك باستمرار لتحل محل ظلام الليل باشراق الفجر‏، هي طبقه بالغه الرقه لايكاد سمكها ان يتعدي المائتي كيلو متر فوق مستوي سطح البحر‏، واذا نسبنا هذا السمك الي المسافه بين الارض والشمس وهي مقدره بحوالي المائه وخمسين مليون كيلو متر كانت النسبه واحدا الي سبعمائه وخمسين الفا تقريبا
‏(200‏كم‏/150،000،000‏كم‏=750،000/1‏ تقريبا‏)‏
واذا نسبناه الي نصف قطر الجزء المدرك من الكون و‏،المقدر باكثر من اثني عشر بليون‏(‏ الف مليون‏)‏ سنه ضوئيه اختفت هذه النسبه تماما او كادت‏، ومن هنا تتضح ضاله سمك الطبقه التي يعمها نور النهار‏، كما يتضح عدم استقرارها لانتقالها باستمرار من نقطه الي اخري علي سطح الارض مع دورانها حول محورها امام الشمس‏، ويتضح كذلك ان تلك الطبقه الرقيقه من نور النهار تحجب عنا ظلام الكون الخارجي‏، لان الذين تعدوا طبقه النهار من رواد الفضاء راوا الشمس في منتصف النهار قرصا ازرق في صفحه سوداء‏، وبهذه المعلومات التي اكتشفت منذ اقل من نصف قرن تتضح روعه تشبيه القران الكريم انسلاخ نور النهار عن ظلمه كل من الليل والكون بسلخ جلد الذبيحه الرقيق عن كامل بدنها‏، وهذا يوكد ان الظلمه هي الاصل في هذا الكون‏، وان النهار ليس الا ظاهره‏، نورانيه‏، عارضه‏، رقيقه جدا‏، لا تظهر الا في الطبقات الدنيا من الغلاف الغازي في نصفه المواجه للشمس‏، وبواسطه دوران الارض حول محورها امام ذلك النجم ينسلخ النهار تدريجيا امام ظلمه ليل الارض‏، والتي تلتقي بظلمه السماء‏.‏
وتجلي النهار علي الجزء السفلي من الغلاف الغازي للارض بهذا النور الابيض المبهج هو من نعم الله الكبري علي عباده‏، ويفسرها تشتت ضوء الشمس بانعكاساته المتكرره علي هباءات الغبار وعلي جزيئات كل من بخار الماء والهواء العالقه بالغلاف الغازي القريب من الارض‏(‏والتي تثيرها الرياح من سطح الارض‏)‏ وبعد تجاوز المائتي كيلو متر فوق سطح البحر يبدا الهواء في التخلخل لتضاول تركيزه‏، وتناقص كثافته باستمرار مع الارتفاع‏، وندره كل من جسيمات الغبار‏، وبخار الماء فيه حتي تتلاشي ولذلك تبدو شمسنا كما يبدو غيرها من نجوم السماء الدنيا بقعا زرقاء باهته‏، في بحر غامر من ظلمه الكون‏.‏
‏(6)‏ التاكيد علي دقه الحساب الزمني بواسطه كل من الليل والنهار والشمس والقمر‏:‏
من المعروف ان السنه الهجريه هي سنه شمسيه‏/‏قمريه‏، لان هذه السنه تحددها دوره الارض حول الشمس دوره كامله تتمها في‏365.25‏ يوما تقريبا‏، وان هذه السنه تقسم الي اثني عشر شهرا بواسطه دوران القمر حول الارض‏، كما يقسم الشهر الي اسابيع وايام وليال بنفس الواسطه‏، وقد تقسم الشهور بواسطه البروج التي تمر بها الارض في اثناء جريها في مدارها حول الشمس‏، كما تدرك الايام بتبادل كل من الليل والنهار‏، ويقسم النهار الي وحدات اصغر بواسطه المزوله الشمسيه‏، ومن هنا كان القسم القراني بالليل والنهار والشمس والقمر في خمس ايات‏(‏ الانعام‏:96، ابراهيم‏:33، النحل‏:12، الانبياء‏:33، فصلت‏:37).‏
‏(7)‏ الاشاره الي ان ليل الارض كان في بدء الخلق ينار بعدد من الظواهر الكونيه‏:‏
وفي ذلك يقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
وجعلنا الليل والنهار ايتين فمحونا ايه الليل وجعلنا ايه النهار مبصره لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا‏ (‏ الاسراء‏:12)‏
ويستشف من هذه الايه ان ظاهره الشفق القطبي واطيافه‏(AuroraandAuroralSpectra) والتي تعرف ايضا باسم ظاهره الانوار القطبيه‏(Polarlights)‏ او باسم ظاهره فجر الليل القطبي‏(PolarNight‏ ص‏sDawn)، وهي ظاهره نورانيه تري بالليل في سماء المناطق القطبيه وحول القطبيه‏، وتتكون نتيجه لارتطام الاشعه الكونيه الاوليه التي تملا فسحه الجزء المدرك من الكون‏(‏ علي هيئه الجسيمات الاوليه للماده‏)‏ بالغلاف الغازي للارض مما يودي الي تاينه‏، واصدار اشعه كونيه ثانويه‏، ونتيجه لذلك تتصادم الاشعات بشحناتها الكهربيه المختلفه مع كل من احزمه الاشعاع ونطق التاين في الغلاف الغازي للارض وتفريغ شحناتها فتوهجها‏، والجسيمات الاوليه للماده متناهيه في الدقه‏، وتحمل شحنات كهربيه عاليه‏، وتتحرك بسرعات تقترب من سرعه الضوء ولم تكتشف الا في سنه‏1936‏ م‏.‏
والاشعه الكونيه تتحرك بمحاذاه خطوط المجال المغناطيسي للارض والتي تنحني لتصب في قطبي الارض المغناطيسين فتودي الي تاين الغلاف الغازي للارض‏، ومن ثم الي توهجه‏،
ومن الثابت علميا ان نطق الحمايه المتعدده في الغلاف الغازي للارض من مثل نطاق الاوزون‏، ونطق التاين‏، واحزمه الاشعاع‏، والنطاق المغناطيسي للارض لم تكن موجوده في بدء خلق الارض‏، ولذلك فقد كانت الاشعه الكونيه تصل الي المستويات الدنيا من الغلاف الغازي للارض فتودي الي توهجه ليلا حول كافه الارض‏، وبعد تكون نطق الحمايه المختلفه اخذت هذه الظاهره في التضاول التدريجي حتي اختفت‏، فيما عدا مناطق محدوده حول القطبين‏، تبقي شاهده علي ان ليل الارض في المراحل الاولي من خلقها كان يضاء بوهج لايقل في شدته عن نور الفجر الصادق فسبحان الذي انزل من قبل اربعه عشر قرنا قوله الحق علي لسان نبيه الخاتم‏:‏
وجعلنا الليل والنهار ايتين فمحونا ايه الليل‏، وجعلنا ايه النهار مبصره لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب‏ (‏ الاسراء‏:12)‏
هذه الشواهد العلميه المستقاه من تبادل الليل والنهار بدءا بتاكيد كرويه الارض‏، ثم دورانها حول محورها‏، وتباطو هذا الدوران مع الزمن‏، وجريها في مدارها المحدد حول الشمس‏، والرقه الشديده لطبقه النهار‏، والدقه الفائقه لحساب الزمن بواسطه تتابع كل من الليل والنهار والشمس والقمر‏، وان ليل الارض كان يضاء في بدء الخلق بوهج لايقل في شدته عن نور الفجر الصادق‏، وان من بقايا هذا الوهج القديم ظاهره الفجر القطبي‏.‏
هذه الشواهد لم يصل الانسان الي ادراكها الا في العقود المتاخره من القرن العشرين‏، وورودها في كتاب الله الذي انزل علي نبي امي ‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ في امه كانت غالبيتها الساحقه من الاميين‏، ومن قبل اربعه عشر قرنا لمما يقطع بان القران الكريم هو كلام الله الخاتم والخالد‏، وان النبي والرسول الخاتم الذي تلقاه كان موصولا بالوحي‏، ومعلما من قبل خالق السماوات والارض‏، ولذلك وصفه ربه‏ (‏ سبحانه وتعالي‏)‏ بقوله‏:‏
وما ينطق عن الهوي‏*‏ان هو الا وحي يوحي‏*‏ علمه شديد القوي‏ (‏ النجم‏:3‏ ‏5)‏

إرسال تعليق