اخر الاخبار

breaking/مقالات الدكتور/9
مقالات الدكتور

3:33 م

تكبير النص تصغير النص أعادة للحجم الطبيعي

بقلم الدكتور/ زغلول النجار
نشر في جريدة الأهرام تحت عمود "من أسرار القرآن" بتاريخ 9 ديسمبر 2001 ضمن سلسلة "من الآيات الكونية في القرآن الكريم"


أخرج الامام مسلم في صحيحه عن انس بن مالك‏(‏ رضي الله عنه‏)‏ أنه قال‏: أن أهل مكه سألوا رسول الله ‏(صلي الله عليه وسلم‏)‏ أن يريهم آيه،‏ فأراهم انشقاق القمر مرتين
واخرج الحديث بروايه اخري عن عبدالله بن مسعود انه قال‏:‏ بينما نحن مع رسول الله‏ (‏صلي الله عليه وسلم‏)‏ بمني اذ انفلق القمر فلقتين،‏ فكانت فلقه وراء الجبل،‏ وفلقه دونه،‏ فقال لنا رسول الله ‏(صلي الله عليه وسلم‏):(‏ اشهدوا‏).‏

وفي غير صحيح مسلم من كتب الحديث ومولفات السيره رويت واقعه شق القمر علي لسان عدد غير قليل من صحابه رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ منهم عبدالله بن عمر‏(‏ رضي الله عنهما‏)‏ وعبدالله بن عباس‏(‏ رضي الله عنهما‏)‏ وغيرهما‏.‏

وقد دون كل من التاريخ الهندي والصيني القديم حادثه انشقاق القمر،‏ وارخوا بها‏.‏ وفي محاضره لي بكليه الطب جامعه كارديف في مقاطعه ويلز غربي بريطانيا،‏ منذ عده سنوات مضت وجه الي احد الحضور من المسلمين سوالا عن الايات في مطلع سوره القمر وهل تمثل ومضه من ومضات الاعجاز العلمي في كتاب الله؟ فاجبت بان هذه الواقعه تمثل احدي المعجزات الحسيه التي وقعت تاييدا لرسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ في مواجهه كفار ومشركي قريش وانكارهم لنبوته ‏(‏ عليه افضل الصلاه وازكي التسليم‏),‏ وان المعجزات خوارق للسنن،‏ وعلي ذلك فان السنن الدنيويه لايمكن لها تفسير كيفيه حدوث المعجزه،‏ ولولا ورودها في كتاب الله،‏ وفي سيره رسول الله‏ (‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ ماكان علينا نحن مسلمي اليوم ان نومن بها،‏ ولكننا نقربها،‏ ونومن بوقوعها لورودها في كتاب الله بالنص الالهي الذي يقول فيه ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
اقتربت الساعه وانشق القمر‏*‏ وان يروا ايه يعرضوا ويقولوا سحر مستمر‏*‏ وكذبوا واتبعوا اهواءهم وكل امر مستقر‏*‏ ولقد جاءهم من الانباء مافيه مزدجر‏*‏ حكمه بالغه فما تغني النذر‏*(‏ القمر‏:1‏ ‏5)‏

وبعد انتهاء حديثي وقف رجل بريطاني من الحضور واستاذن في ان يضيف شيئا الي اجابتي فاذنت له،‏  ثم بدا بتعريف نفسه علي ان اسمه داود موسي بيدكوك وانه مسلم،‏ ويراس الحزب الاسلامي البريطاني‏.‏ ثم اضاف ان هذه الايات في مطلع سوره القمر كانت هي السبب في اسلامه في اواخر السبعينات من القرن العشرين،‏ لانه ببحث مستفيض في الاديان اهداه احد المسلمين ترجمه لمعاني القران الكريم،‏ وانه عند فتح هذه الترجمه لاول مره فوجيء بسوره القمر فقرا الايات في مطلعها،‏ ولم يكد يصدق ان القمر قد انشق ثم التحم فاغلق الترجمه وانصرف عنها‏.‏

ثم شاء الله‏(‏ تعالي‏)‏ ان يشاهد علي شاشه التلفاز البريطاني ‏(B.B.C.)‏ برنامجا عن رحلات الفضاء استضاف فيه المذيع البريطاني المعروف جيمس بيرك ‏(James Burke)‏ ثلاثه من علماء الفضاء الامريكيين وذلك في سنه‏1978‏ م،‏ وفي اثناء الحوار كان المذيع ينتقد الاسراف علي رحلات الفضاء بانفاق بلايين الدولارات،‏ والارض يتضور فيها ملايين البشر من الجوع،‏ والمرض،‏ والجهل،‏ والتخلف،‏ وكان جواب العلماء انه بفضل هذه الرحلات تم تطوير عدد من التقنيات الهامه التي تطبق في مجالات التشخيص والعلاج الطبي،‏ والصناعه،‏ والزراعه وغيرها،‏ وفي اثناء هذا الحوار جاء ذكر اول رحله انزال رجل علي سطح القمر،‏ وقد تكلفت اكثر من مائه مليار دولار،‏ وجلس المذيع يتابع عتابه علي هذا الاسراف،‏ فرد العلماء بان هذه الرحله قد اثبتت لهم حقيقه لو انفقوا اضعاف هذا المبلغ لاقناع الناس بها ماصدقهم احد‏...!!‏

فسال المذيع‏:‏ ماهي هذه الحقيقه؟ فاجابوا‏:‏ ان هذا القمر قد سبق له ان انشق ثم التحم،‏ وان اثارا محسوسه تويد ذلك الحدث قد وجدت علي سطح القمر وامتدت الي داخله‏.‏ فقال السيد‏/‏ بيدكوك‏:‏ حينما سمعت ذلك قفزت من الكرسي الذي كنت اجلس عليه امام التلفاز،‏ وقلت‏:‏ معجزه تحدث لمحمد قبل الف واربعمائه سنه،‏ ويرويها القران بهذا التفصيل العجيب،‏ يسخر الله من يثبتها للمسلمين في عصر العلوم والتقنيه الذي نعيشه،‏ وينفق هذا المبلغ الكبير،‏ لابد ان يكون هذا الدين حقا،‏ وعدت الي ترجمه معاني القران الكريم اقراها بشغف شديد،‏ وكانت ايات افتتاح سوره القمر هي السبب المباشر لقبولي الاسلام دينا‏.‏ هذا في الوقت الذي يحاول نفر من ابناء المسلمين القول بان انشقاق القمر لم يحدث بعد،‏ وانه من علامات الاخره استنادا الي مطلع السوره‏:‏اقتربت الساعه‏..‏ ويتناسي هولاء قول المصطفي‏ (‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ في الحديث الذي اخرجه الامام مسلم في صحيحه عن سهل بن سعد‏(‏ رضي الله عنهما‏)‏ انه قال‏:‏ سمعت رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ يشير باصبعه التي تلي الابهام والوسطي وهو يقول‏:(‏بعثت انا والساعه هكذا‏).‏ ويستشهد المنكرون لواقعه انشقاق القمر استشهادا خاطئا بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ في سوره الاسراء‏:‏ وما منعنا ان نرسل بالايات الا ان كذب بها الاولون‏...(‏ الاسراء‏:59)‏


وهو استشهاد في غير موضعه لوقوع العديد من الايات والمعجزات الحسيه لرسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ طيله حياته الشريفه‏.‏ فصلي الله وسلم وبارك علي هذا النبي الخاتم،‏ والرسول الخاتم الذي شق له الله‏(‏ تعالي القمر مرتين،‏ كرامه له،‏ وتعظيما لشانه،‏ وابقي لنا اثر هذا الانشقاق شاهدا ملموسا علي شرف نبوته،‏ ونبل رسالته،‏ وصدق الكتاب الذي انزل اليه،‏ والحمد لله اولا واخرا‏.‏

إرسال تعليق