
بقلم الدكتور/ زغلول النجار
نشر في جريدة الأهرام تحت عمود "من أسرار القرآن" بتاريخ 2 ديسمبر 2001 ضمن سلسلة "من الآيات الكونية في القرآن الكريم"
روي البخاري في صحيحه عن ابي هريره( رضي الله عنه) انه سمع رسول الله( صلي الله هليه وسلم) يقول: في الحبه السوداء شفاء من كل داء الا السام وروي مسلم في صحيحه هذا الحديث عن ابي هريره ( رضي الله عنه) ما من داء الا وفي الحبه السوداء منه شفاء الا السام وروي خالد بن سعد عن ابن ابي عتيق عن ام المومنين عائشه ( رضي الله تعالي عنها) انها سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم) يقول ان هذه الحبه السوداء شفاء من كل داء الا من السام، قال: قلت وما السام؟ قال( صلي الله عليه وسلم): الموت.
والحبه السوداء ثمره لنبته عشبيه حوليه من الفصيله السقيقيه، تنمو في حوض البحر الابيض المتوسط، وتزرع في كثير من دول العالم، واسمها العلمي Nigellasativa تعرف في مصر باسم حبه البركه، في المغرب باسم القزحه، وفي اليمن باسم قحطه، وفي وفي الغرب باسم سانوج وسينوج وباسم زراره، وفي فارس باسم شونيز اوشينيز او باسم سياه دانه، كما تعرف باسم الكمون الاسودوباسم الحبه المباركه، وهي حبه فلقيه، سوداء، حريقه تستعمل كاحد التوابل التي تضاف الي الطعام لتحسين مذاقه.
وقد دفعت قراءه هذه الاحاديث النبويه بعدد من علماء المسلمين واطبائهم في القدم وفي الحديث الي النظر في امكانيه الاستفاده بهذه الحبه المباركه في علاج بعض الامراض باعتبار ان لفظه( شفاء) جاء في هذه الاحاديث بصياغه غير معرفه، فقيل انها لاتعم كل الشفاء، وان نسبه الشفاء بها تزيد وتنقص حسب نوع المرض وشدته، ولكن عالما مسلما من ابناء مصر المهاجرين الي الولايات المتحده الامريكيه وهو( الاستاذ الدكتور احمد احمد القاضي) نظر في هذه الاحاديث المتعلقه بالحبه السوداء نظره طبيه فاحصه فقال:
حبه فيها شفاء من كل داء الا الموت لابد وان تكون لها علاقه مباشره بجهاز المناعه في جسم الانسان الذي سخره ربنا( تبارك وتعالي) للدفاع عن هذا الجسم، وقام بدراسه تلك العلاقه علي عدد من المرضي المصابين بنقص المناعه المكتسبه، واثبتت زياده واضحه في عدد خلايا الدفاع عن الجسم المسماه باسم خلايا ت4, ت8(T4,T8Cells مع التناول المنتظم لجرعات مناسبه من الحبه السوداء، قام بالفعل بتصنيع كبسولات تحوي كلا من الحبه السوداد، والثوم المعجونه بعسل النحل بكميات محسوبه بدقه شديده سماها باسم الحروف الاولي من مسمي هذين المحتويين الرئيسيين: CONIGARCOMBINEDNIGELLASATIVEANDGARLIC ووافقت الاجهزه الرسميه في الولايات المتحده الامريكيه علي التصريح بانتاج هذا العقار لثبات اثره الفعال في علاج امراض نقص المناعه المكتسبه( الخلقيه والعارضه) وهي لاتوافق عاده علي العلاج بالمواد الطبيعيه الا بصعوبه شديده، وفي اضيق الحدود الممكنه.
والحبه السوداء قد عرفها كل من قدماء المصريين، والعرب والفرس، وذكروا ان لها فوائد جمه في علاج عدد من الامراض مثل امراض الجهاز التنفسي كالزكام، والتهاب القصبه والشعب الهوائيه، وامراض الجهاز البولي/ التناسلي، وبعض الامراض الجلديه كالثاليل وتساقط الشعر. وقد ثبت موخرا ان لها دورا فعالا في علاج عدد اخر من الامراض مثل الربو، ارتفاع ضغط الدم، امراض الجهاز الهضمي ( كامراض القولون المزمنه), وبعض الامراض الفيروسيه كالالتهاب الكبدي الوبائي، وغيرها.
ولكن لم يكن احد في القديم يتصور ان للحبه السوداء ادني صله بالجهاز المناعي في جسم الانسان كما اوضحته ذلك احاديث رسول الله ( صلي الله عليه وسلم) في قوله الشريف ان فيها شفاء من كل داء الا الموت. ولذلك فقد عاش الناس قرونا طويله يستخدمون الحبه السوداء كمحسن لطعم الماكولات فقط فاضافوها الي مختلف انواع الفطائر، والمخللات، الا ان الاتجاه الحديث يميل الي استخدامها كعلاج ناجح في العديد من الامراض المستعصيه وثبت موخرا ان بذور الحبه السوداء تحتوي علي زيوت ثابته بنسبه533, وعلي زيوت طياره بنسبه1.5%, وقد وجد في زيوتها ماده فعاله في تقويه جهاز المناعه سميت بالاسم العلمي لحبه البركه NIGELLASATIVA ولذلك اطلقوا عليها اسم0 ينجللون NIGELLONE); وثبت بالتجارب العديده ان لماده( النيجللون) دورا فعالا في رفع القدره الدفاعيه لجهاز المناعه في جسم الانسان. وهي حقيقه لم تعرفها العلوم المكتسبه الا في العقود المتاخره من القرن العشرين، وسبق المصطفي( صلي الله عليه وسلم) بالاشاره اليها بهذا الوضوح، وهذه الدقه العلميه لايمكن ان يكون له مصدر الا وحي السماء، مما يوكد نبوته ورسالته علي صلته الدائمه بالوحي، وصدق ا
لله العظيم اذ يقول فيه: وما ينطق عن الهوي ان هو الا وحي يوحي علمه شديد القوي ( النجم:3 5)
إرسال تعليق