
بقلم الدكتور/ زغلول النجار
نشر في جريدة الأهرام تحت عمود "من أسرار القرآن" بتاريخ 7 ديسمبر 2001 ضمن سلسلة "من الآيات الكونية في القرآن الكريم"
روي الامام مسلم في صحيحه عن ام المومنين السيده عائشه رضي الله( تعالي) عنها ان النبي( صلي الله عليه وسلم) قال: لا يجوع: أهل بيت عندهم التمر
وروي عنها ايضا انها قالت: قال رسول الله( صلي الله عليه وسلم):
يا عائشه! بيت لا تمر فيه، جياع اهله، يا عائشه! بيت لا تمر فيه جياع اهله او جاع اهله قالها مرتين او ثلاثا.
والتمر هو ثمر النخيل من حين الانعقاد الي حين الادراك ثم النضج وهو تعبير عام لان كلا من البسر والرطب لا يبقي فتره طويله بعد موسم الاثمار، والتمر هو الثمره المجففه التي تعيش علي مدي السنه، والبسر هو الغض من التمر.
وقد ذكر النخل والنخيل في القران الكريم في عشرين موضعا ويتبع نخيل التمر فصيله( النخيليات) التي تضم عددا من الرتب اهمها نخيل التمر، ونخيل الزيت، وجنس نخيل التمر يضم حوالي الخمسه عشر نوعا ويضم نخيل التمر اكثر من الف نوع منها حوالي الاربعمائه صنف في الجزيره العربيه وحدها، وحوالي الستمائه صنف في العراق.
والنخيل من الاشجار الدائمه الخضره، التي تنمو في المناطق الحاره اساسا، ولكنها تاقلمت مع كل من المناطق المعتدله والجافه، وشجره النخيل هي من اكثر النباتات المنزرعه احتمالا لكل من الجفاف والملوحه، ولذا تنجح زراعتها حتي في المناطق القاحله.
ومنتجات النخيل تعتبر من اهم المصادر النباتيه التي اعتمد عليها الانسان منذ القدم، خاصه في الحزام الصحراوي الممتد من موريتانيا غربا الي اواسط اسيا شرقا.
وينتمي النخيل الي النباتات ذوات الفلقه الواحده، حيث تتمايز اشجاره الي ذكر وانثي، يبدا كل منهما في الازدهار في سنته الخامسه، ويستمر في الانتاج الجيد الي عمر يتراوح بين الثلاثين والاربعين سنه.
ونخيل التمر قد اعطاه الله( تعالي) القدره علي مقاومه الحراره الشديده والتي قد تصل الي خمسين درجه مئويه في الصيف، كما اعطاه القدره علي تحمل كل من الجفاف الشديد والملوحه العاليه، فالطول الباسق لجذوع النخل وسمكها، وخشونتها، وتغطيتها بقواعد الاوراق القديمه يعينه علي تخزين الماء بكميات كبيره وعدم فقده بسهوله والاوراق الرمحيه، السميكه ذات القمه الشوكيه، والموجوده في قمه الشجره باعداد قليله لا تزيد علي20 الي40 ورقه والتي تتجدد باستمرار تعين علي تقليل النتج ومن ثم تقليل فقد الماء.
والتمر وهو من ثمرات النخيل يعد غذاء كاملا تقريبا لاحتوائه علي اغلب العناصر التي يحتاجها جسم الانسان ولذا يصفه الحق( تبارك وتعالي) بقوله: ومن ثمرات النخيل والاعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا (النحل:67)
فالتمر يحتوي علي مواد سكريه، وكربوهيدراتيه، وبروتينيه ودهنيه وعلي عدد من العناصر الهامه، والفيتامينات الضروريه لحياه الانسان، وقد اثبتت التحاليل الكيميائيه ان التمر الجاف يحتوي علي70.6% من الكربوهيدرات،2.5% من الدهون1.32 من الاملاح المعدنيه ( التي تشمل مركبات كل من الكالسيوم والحديد والفوسفور، والمغنسيوم، والبوتاسيوم والنحاس، والمنجنيز والكوبلت والزنك وغيرها.
10% من الالياف، بالاضافه الي فيتامينات تشمل فيتامين ا،ب1, ب2, ج، والي نسب متفاوته من السكريات والبروتينات.
وللتمر فوائد طبيه كثيره فهو غذاء مهم للخلايا العصبيه، وطارد للسموم، ومفيد في حالات الفشل الكلوي، والمراره وارتفاع ضغط الدم، والبواسير، والنقرس، وهو ملين طبيعي، ومقو للسمع، ومنبه لحركه الرحم، ومقو لعضلاته مما ييسر عمليه الولاده الطبيعيه ومن هنا كانت الاشاره القرانيه الي السيده/ مريم البتول وهي تضع نبي الله عيسي ( عليه السلام) بقول الحق( تبارك وتعالي) لها:
وهزي اليك بجذع النخله تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا..( مريم:26,25)
ومن هنا ايضا كانت وصيه رسول الله( صلي الله عليه وسلم) بقوله الشريف: اطعموا نساءكم في نفاسهم التمر، فانه من كان طعامها في نفاسها التمر خرج وليدها حليما، فانه كان طعام مريم حيث ولدت، ولو علم طعاما خيرا من التمر لاطعمها اياه.
وكان قوله ايضا: اذا افطر احدكم فليفطر علي تمر، فان لم يجد فليفطر علي ماء فانه طهور.
وكانت وصيته: لا يجوع اهل بيت عندهم التمر.
ويعجب كل قاريء لهذه الاحاديث الشريفه لما تحتويه من علم صحيح لم تصل اليه مدارك الانسان الا منذ سنوات قليله، ونطق به المصطفي ( صلي الله عليه وسلم) من قبل الف واربعمائه من السنين موكدا علي صدق نبوته، وصدق رسالته، وصدق اتصاله بوحي السماء الذي وصفه بقول الحق( تبارك وتعالي):
وما ينطق عن الهوي ان هو الا وحي يوحي (النجم:4.3)
إرسال تعليق