اخر الاخبار

breaking/مقالات الدكتور/9
مقالات الدكتور

3:24 م

تكبير النص تصغير النص أعادة للحجم الطبيعي

بقلم الدكتور/ زغلول النجار
نشر في جريدة الأهرام تحت عمود "من أسرار القرآن" بتاريخ 7 ديسمبر 2001 ضمن سلسلة "من الآيات الكونية في القرآن الكريم"


روي الامام مسلم في صحيحه عن ام المومنين السيده عائشه رضي الله‏(‏ تعالي‏)‏ عنها ان النبي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ قال‏:‏ لا يجوع‏:‏ أهل بيت عندهم التمر
وروي عنها ايضا انها قالت‏:‏ قال رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏):‏
يا عائشه‏!‏ بيت لا تمر فيه،‏ جياع اهله،‏ يا عائشه‏!‏ بيت لا تمر فيه جياع اهله او جاع اهله قالها مرتين او ثلاثا‏.‏
والتمر هو ثمر النخيل من حين الانعقاد الي حين الادراك ثم النضج وهو تعبير عام لان كلا من البسر والرطب لا يبقي فتره طويله بعد موسم الاثمار،‏ والتمر هو الثمره المجففه التي تعيش علي مدي السنه،‏ والبسر هو الغض من التمر‏.‏
وقد ذكر النخل والنخيل في القران الكريم في عشرين موضعا ويتبع نخيل التمر فصيله‏(‏ النخيليات‏)‏ التي تضم عددا من الرتب اهمها نخيل التمر،‏ ونخيل الزيت،‏ وجنس نخيل التمر يضم حوالي الخمسه عشر نوعا ويضم نخيل التمر اكثر من الف نوع منها حوالي الاربعمائه صنف في الجزيره العربيه وحدها،‏ وحوالي الستمائه صنف في العراق‏.‏
والنخيل من الاشجار الدائمه الخضره،‏ التي تنمو في المناطق الحاره اساسا،‏ ولكنها تاقلمت مع كل من المناطق المعتدله والجافه،‏ وشجره النخيل هي من اكثر النباتات المنزرعه احتمالا لكل من الجفاف والملوحه،‏ ولذا تنجح زراعتها حتي في المناطق القاحله‏.‏
ومنتجات النخيل تعتبر من اهم المصادر النباتيه التي اعتمد عليها الانسان منذ القدم،‏ خاصه في الحزام الصحراوي الممتد من موريتانيا غربا الي اواسط اسيا شرقا‏.‏
وينتمي النخيل الي النباتات ذوات الفلقه الواحده،‏ حيث تتمايز اشجاره الي ذكر وانثي،‏ يبدا كل منهما في الازدهار في سنته الخامسه،‏ ويستمر في الانتاج الجيد الي عمر يتراوح بين الثلاثين والاربعين سنه‏.‏
ونخيل التمر قد اعطاه الله‏(‏ تعالي‏)‏ القدره علي مقاومه الحراره الشديده والتي قد تصل الي خمسين درجه مئويه في الصيف،‏ كما اعطاه القدره علي تحمل كل من الجفاف الشديد والملوحه العاليه،‏ فالطول الباسق لجذوع النخل وسمكها،‏ وخشونتها،‏ وتغطيتها بقواعد الاوراق القديمه يعينه علي تخزين الماء بكميات كبيره وعدم فقده بسهوله والاوراق الرمحيه،‏ السميكه ذات القمه الشوكيه،‏ والموجوده في قمه الشجره باعداد قليله لا تزيد علي‏20‏ الي‏40‏ ورقه والتي تتجدد باستمرار تعين علي تقليل النتج ومن ثم تقليل فقد الماء‏.‏
والتمر وهو من ثمرات النخيل يعد غذاء كاملا تقريبا لاحتوائه علي اغلب العناصر التي يحتاجها جسم الانسان ولذا يصفه الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ بقوله‏:‏ ومن ثمرات النخيل والاعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا ‏(‏النحل‏:67)‏
فالتمر يحتوي علي مواد سكريه،‏ وكربوهيدراتيه،‏ وبروتينيه ودهنيه وعلي عدد من العناصر الهامه،‏ والفيتامينات الضروريه لحياه الانسان،‏ وقد اثبتت التحاليل الكيميائيه ان التمر الجاف يحتوي علي‏70.6%‏ من الكربوهيدرات،2.5%‏ من الدهون‏1.32‏ من الاملاح المعدنيه‏ (‏ التي تشمل مركبات كل من الكالسيوم والحديد والفوسفور،‏ والمغنسيوم،‏ والبوتاسيوم والنحاس،‏ والمنجنيز والكوبلت والزنك وغيرها‏.‏
‏10%‏ من الالياف،‏ بالاضافه الي فيتامينات تشمل فيتامين ا،‏ب‏1,‏ ب‏2,‏ ج،‏ والي نسب متفاوته من السكريات والبروتينات‏.‏
وللتمر فوائد طبيه كثيره فهو غذاء مهم للخلايا العصبيه،‏ وطارد للسموم،‏ ومفيد في حالات الفشل الكلوي،‏ والمراره وارتفاع ضغط الدم،‏ والبواسير،‏ والنقرس،‏ وهو ملين طبيعي،‏ ومقو للسمع،‏ ومنبه لحركه الرحم،‏ ومقو لعضلاته مما ييسر عمليه الولاده الطبيعيه ومن هنا كانت الاشاره القرانيه الي السيده‏/‏ مريم البتول وهي تضع نبي الله عيسي‏ (‏ عليه السلام‏) ‏ بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ لها‏:‏
وهزي اليك بجذع النخله تساقط عليك رطبا جنيا فكلي واشربي وقري عينا‏..(‏ مريم‏:26,25)‏
ومن هنا ايضا كانت وصيه رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بقوله الشريف‏:‏ اطعموا نساءكم في نفاسهم التمر،‏ فانه من كان طعامها في نفاسها التمر خرج وليدها حليما،‏ فانه كان طعام مريم حيث ولدت،‏ ولو علم طعاما خيرا من التمر لاطعمها اياه‏.‏
وكان قوله ايضا‏:‏ اذا افطر احدكم فليفطر علي تمر،‏ فان لم يجد فليفطر علي ماء فانه طهور‏.‏
وكانت وصيته‏:‏ لا يجوع اهل بيت عندهم التمر‏.‏
ويعجب كل قاريء لهذه الاحاديث الشريفه لما تحتويه من علم صحيح لم تصل اليه مدارك الانسان الا منذ سنوات قليله،‏ ونطق به المصطفي ‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ من قبل الف واربعمائه من السنين موكدا علي صدق نبوته،‏ وصدق رسالته،‏ وصدق اتصاله بوحي السماء الذي وصفه بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
وما ينطق عن الهوي ان هو الا وحي يوحي ‏(‏النجم‏:4.3)‏

إرسال تعليق