اخر الاخبار

breaking/مقالات الدكتور/9
مقالات الدكتور

2:18 م

تكبير النص تصغير النص أعادة للحجم الطبيعي

بقلم الدكتور/ زغلول النجار
نشر في جريدة الأهرام تحت عمود "من أسرار القرآن" بتاريخ 24 نوفمبر 2001 ضمن سلسلة "من الآيات الكونية في القرآن الكريم"


روي عن رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ انه قال في العلامات الكبري للساعه‏:‏ ان اول الايات خروجا طلوع الشمس من مغربها او الدابه علي الناس ضحي فايتهما كانت قبل صاحبتها فالاخري علي اثرها‏ (‏ صحيح مسلم‏)‏
وكان اعداء الاسلام من الدهريين عربا وعجما ومستشرقين يستبعدون طلوع الشمس من مغربها قائلين ان الشمس منذ ان ادركها الانسان وهي تطلع عليه من المشرق وتغيب في المغرب،‏ وكانوا لايتخيلون قوه علي وجه الارض او في صفحه الكون يمكنها احداث مثل ذلك التغيير الهائل في شروق الشمس وغروبها‏.‏

ولكن منذ سنوات قليله بدا علماء الارض في استقراء مناخات الارض في الازمنه الغابره كما هي مدونه في جذوع النباتات،‏ وفي هياكل الحيوانات،‏ وفي رسوبيات كتل الجليد التي زحفت علي اليابسه من قطبي الارض،‏ ومن قمم الجبال،‏ وفي مختلف انواع الرسوبيات البحريه والقاريه،‏ وفي بقيه صخور الارض وما تحتويه من بقايا الحياه خاصه حبوب اللقاح الخاصه بالنباتات والتي تحفظ باعداد هائله في كافه الرسوبيات والصخور الرسوبيه،‏ وتكثر بشكل واضح في رسوبيات البحيرات ودالات الانهار وشواطيء البحار،‏ وكثيرا ما يقطع تلك الرسوبيات اسطح جفاف انحسرت عنها المياه لتراجع البحار او ندره الامطار،‏ وتحتفظ تلك الاسطح بمعادن تعكس صوره كامله عن تركيب كل من الغلافين الغازي والمائي المحيطين بالارض،‏ ودرجه حراره كل منهما،‏ ودرجه حموضته‏.‏ وكل من الحلقات السنويه في سيقان النباتات،‏ وخطوط النمو في هياكل الحيوانات تمثل سجلا رائعا للتغيرات المناخيه التي تدون فورا وبدقه بالغه في كل منهما‏.‏

وفي دراسه حديثه للتغيرات المناخيه كما هي مدونه علي الحلقات السنويه في جذوع النباتات اتضح ان كل حلقه من تلك الحلقات السنويه مكونه من اعداد كثيره من الحلقات تمثل الفصول المناخيه الاربع‏(‏ الربيع،‏ والصيف،‏ والخريف،‏ والشتاء‏),‏ وشهور السنه الاثني عشر،‏ وهي شهور قمريه،‏ وعدد الاسابيع في كل شهر قمري،‏ والايام السبعه من كل اسبوع،‏ والليل والنهار في كل يوم‏.‏

وفي غمار هذا البحث لاحظ الدارسون زياده عدد ايام السنه مع زياده تقادمها،‏ وادركوا ان التفسير الوحيد لتلك الزياده في عدد ايام السنه مع تقادم الزمن هو تزايد سرعه دوران الارض حول محورها امام الشمس،‏ هذه السرعه التي تزيد من عدد كل من الايام والاسابيع في السنه،‏ وتقصر من طول اليوم‏(‏ بليله ونهاره‏).‏ مع بقاء عدد الفصول والشهور في السنه ثابتا‏.‏

وبرسم اعداد كبيره لمنحنيات تظهر عدد ايام السنه في العصور الجيولوجيه المختلفه مع الزمن اتضح ان عدد ايام السنه عند بدء خلق الارض كان اكثر من الفي يوم،‏ وان طول الليل والنهار معا كان اقل من اربع ساعات‏;‏ ويعجب الانسان من الاشاره القرانيه المبهره الي تلك الحقيقه الكونيه الثابته من قبل الف واربعمائه من السنين،‏ والانسان لم يصل الي ادراك شيء عنها الا في العقود المتاخره من القرن العشرين،‏ وفي ذلك يقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏ ان ربكم الله الذي خلق السماوات والارض في سته ايام ثم استوي علي العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا‏...*(‏ الاعراف‏:54)‏ وقد اتضح هذا التناقص المستمر في سرعه دوران الارض حول محورها امام الشمس من دراسه خطوط النمو في هياكل العديد من الحيوانات مثل الشعاب المرجانيه القديمه،‏ وبقاياها في صخور العصور الجيولوجيه المتقدمه،‏ وقد فسر هذا التناقص المستمر في سرعه دوران الارض حول محورها بالاحتكاك الناتج عن كل من عمليه المد والجزر،‏ وهبوب الرياح في الاتجاه المعاكس لاتجاه الدوران،‏ وكلاهما يعمل عمل الكابح الذي يبطيء من سرعه دوران الارض حول محورها جزءا من الثانيه في كل من الزمن‏.‏

وبرسم منحنيات مستقبليه لعمليه تباطو سرعه دوران الارض حول محورها اتضح انه لابد لتلك العمليه من ان تجبر الارض في مستقبل امرها علي تغيير اتجاه دوراتها الحالي‏(‏ من الغرب الي الشرق فتبدو الشمس طالعه من الشرق،‏ وغائبه في الغرب‏)‏ الي ان تدور بعكس اتجاهها الحالي فيصبح دورانها من الشرق الي الغرب فتطلع الشمس من مغربها وهذا الحدث الكوني الكبير من العلامات الكبري للساعه ومن نبوءات المصطفي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏).‏
التي كان كثير من اعداء الاسلام يستبعدون حدوثها،‏ فاذا بالعلوم الكونيه تثبت امكانيه بل حتميه حدوثها‏...!!!‏

وهنا يلزم التلبيه الي ان الاخره لها من السنن والقوانين مايغاير سنن الدنيا،‏ ولكن من رحمه الله بنا ان يبقي لنا في سنن الدنيا وشواهدها الماديه مايوكد امكانيه حدوث الاخره بكل مقدماتها وعلاماتها والظواهر المصاحبه لها،‏ فلا يجوز لعاقل ان يتصور امكانيه حساب وقت طلوع الشمس من مغربها بواسطه معرفه معدلات تباطو سرعه دوران الارض حول محورها،‏ لان وقوع الاخره امر الهي لايحتاج الي سنن او ظواهر او تباطو في معدلات حركه الارض،‏ وصدق الله العظيم اذ يقول‏:‏
يسئلونك عن الساعه ايان مرساها قل انما علمها عن ربي لايجليها لوقتها الا هو ثقلت في السماوات والارض لا تاتيكم الي بغته يسئلونك كانك حفي عنها قل انما علمها عند الله ولكن اكثر الناس لا يعلمون‏*(‏ الاعراف‏:187)‏

وصلي الله وسلم وبارك علي خاتم الانبياء والمرسلين الذي اخبرنا عن حتميه طلوع الشمس من مغربها كاحدي العلامات الكبري للساعه،‏ وذلك من قبل الف واربعمائه سنه‏;‏ ثم تاتي العلوم الكونيه باستقراء ذلك حقيقه مدونه في احافير الحيوانات والنباتات،‏ وهياكل الاحياء منها،‏ وذلك منذ عشرات قليله من السنين،‏ ولايمكن لعاقل ان يتخيل مصدرا لتلك المعلومه الكونيه المستقبليه من قبل اربعه عشر قرنا غير وحي الله الخالق الذي انعم الله تعالي به علي خاتم انبيائه ورسله،‏ وخيرته من خلقه سيدنا محمد بن عبد الله‏(‏ صلي الله وسلم وبارك عليه وعلي اله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته الي يوم الدين‏).‏

إرسال تعليق