
بقلم الدكتور/ زغلول النجار
نشر في جريدة الأهرام تحت عمود "من أسرار القرآن" بتاريخ 22 نوفمبر 2001 ضمن سلسلة "من الآيات الكونية في القرآن الكريم"
يروي عن زيد بن خالد الجهني انه قال: صلي بنا رسول الله (صلي الله عليه وسلم) صلاه الصبح بالحديبيه في اثر سماء( اي مطر) كانت من الليل، فلما انصرف اقبل علي الناس فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله اعلم، قال( صلي الله عليه وسلم):
قال( ربكم): اصبح من عبادي مومن بي وكافر، فاما من قال: مطرنا بفضل الله وبرحمته فذلك مومن بي كافر بالكوكب، واما من قال: مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مومن بالكوكب
( سنن ابي داود: كتاب الكهانه والتطير حديث رقم3906)
ونزول المطر من السحاب لايزال قضيه غير مفهومه بتفاصيلها من الوجهه العلميه، وكل مايعرفه العلماء ان الارض هي اغني كواكب المجموعه الشمسيه بالماء الذي تقدر كميته بحوالي1360 1385 مليون مليون كيلو متر مكعب، اغلبه في البحار والمحيطات (97,2%), واقله ماء عذب (2,8%) واغلب هذا الماء العذب(2,052% الي2,15%) علي هيئه سمك هائل من الجليد فوق قطبي الارض، وفي قمم الجبال، والباقي مختزن في صخور القشره الارضيه (0.27 %) وفي بحيرات الماء العذب(0.33-%) وعلي هيئه رطوبه في تربه الارض (0.18-%) وعلي هيئه رطوبه كذلك في الغلاف الغازي للارض(0.036-%) واقل ذلك كله هي المياه الجاريه في الانهار والجداول(0.0047-%) وهذا الماء الارضي اخرجه ربنا( تبارك وتعالي) كله من باطن الارض عن طريق ثوره البراكين، ووزعه بتقدير حكيم، واداره في دوره منضبطه بين الارض وغلافها الغازي( السماء) ولولا هذه الدوره المحكمه لفسد ماء الارض لوجود بلايين البلايين من الكائنات الحيه التي تحيا وتموت في مختلف الاوساط المائيه، والتي كانت من الممكن ان تحول هذا الماء الي ماء لولا دورته حول الارض.
وقد اقتضت مشيئه الله الخالق( جل وعلا) ان يسكن في الارض هذا القدر المحدد من الماء، وان يوزعه بدقه بالغه بين البحار والمحيطات، والانهار والبحيرات، وان يختزن جزءا منه في صخور القشره الارضيه، او يحبسه علي هيئه المجالد في قمم الجبال وفوق القطبين، او ينشره برقه علي هيئه درجه من الرطوبه في كل من الجو وتربه الارض وهذا كله بالقدر المنضبط الكافي لمتطلبات الحياه الارضيه، وللتوازن الحراري علي سطح الارض من مكان الي الاخر ومن فصل مناخي الي اخر، وهذا القدر الموزون من الماء لو زاد قليلا لغمر الارض وغطي سطحها بالكامل، ولو قل قليلا لقصر دون متطلبات الحياه علي سطحها وحراره اشعه الشمس وتبخر ماء الارض من اسطح البحار والمحيطات، والانهار والبحيرات، والبرك والمستنقعات، ومن اسطح تجمعات الجليد، وحتي من المياه المختزنه تحت سطح الارض، ومن تنفس كل من الانسان والحيوان، ونتح النباتات، وغير ذلك من مختلف مصادر المياه فيرتفع بخار الماء الي الطبقات الدنيا من الغلاف الغازي للارض( نطاق المناخ) وتتناقص فيه درجات الحراره مع الارتفاع ويقل الضغط مما يساعد علي تكثف بخار الماء الصاعد من الارض علي نوي دقيقه من الغبار العالق بالهواء تعرف باسم نوي التكثف مما يعين علي عوده ماء الارض اليها علي هيئه مطر او برد او ثلج او ضباب او ندي.
إرسال تعليق