اخر الاخبار

breaking/مقالات الدكتور/9
مقالات الدكتور

2:39 م

تكبير النص تصغير النص أعادة للحجم الطبيعي


في عدد من الاحاديث النبويه الشريفه جاء ذكر عجب الذنب علي انه الجزء من الجنين الذي يخلق منه جسده،‏ والذي يبقي بعد وفاته،‏ وفناء جسده ليبعث منه من جديد‏.‏ فقد اشار المصطفي ‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ الي ان جسد الانسان يبلي كله فيما عدا عجب الذنب،‏ فاذا اراد الله تعالي بعث الناس انزل مطرا من السماء فينبت كل فرد من عجب ذنبه كما تنبت البقله من بذرتها‏.‏ ومن هذه الاحاديث العديده روي ابو هريره‏(‏ رضي الله عنه‏)‏ عن رسول الله‏ (‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ قوله‏:

(1)‏ كل ابن ادم تاكل الارض الا عجب الذنب،‏ منه خلق،‏وفيه يركب‏(‏ ابو داود،‏ النسائي،‏ احمد،‏ ابن ماجه ابن حبان،‏ مالك‏)
(2)‏ وفي روايه لابي سعيد الخدري‏(‏ رضي الله عنه‏)‏ مرفوعا الي رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ انه قال‏:‏ ياكل التراب كل شيء من الانسان الا عجب ذنبه،‏ قيل وماهو يارسول الله؟ قال‏:‏ مثل حبه خردل منه نشا‏
(3)‏ واخرج الامام مسلم في صحيحه عن ابي هريره نصا مثله جاء فيه‏:‏ كل ابن ادم ياكله التراب الا عجب الذنب،‏ منه خلق،‏ ومنه يركب‏.
(4)‏ وفي لفظ اخر له جاء هذا النص‏:‏ وليس من الانسان شيء الا يبلي الا عظما واحدا هو عجب الذنب،‏ ومنه يركب الخلق يوم القيامه‏.
(5)‏ وفي لفظ اخر لمسلم كذلك جاء هذا النص‏:‏ ان في الانسان عظما لا تاكله الارض ابدا،‏ فيه يركب يوم القيامه‏.‏ قالوا‏:‏ اي عظم هو يارسول الله؟ قال‏:‏ عجب الذنب‏.
(6)‏ وفي لفظ ثالث لمسلم عن ابي هريره قال‏:‏ قال رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏):‏ ما بين النفختين اربعون قالوا‏:‏ يا ابا هريره اربعون يوما؟ قال‏:‏ ابيت،‏ قالوا‏:‏ اربعون شهرا؟ قال‏:‏ ابيت،‏ قالوا‏:‏ اربعون سنه؟ قال‏:‏ ابيت قال‏:‏ ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون،‏ كما ينبت البقل،‏ قال‏:‏ قال‏:‏ وليس من الانسان شيء الا يبلي،‏ الا عظما واحدا،‏ وهو عجب الذنب،‏ ومنه يركب الخلق يوم القيامه‏.‏

ومعني ابيت في كلام ابي هريره هو ابيت ان اجزم ان المراد اربعون يوما،‏ او شهرا،‏ او سنه،‏ بل الذي اجزم به انها اربعون مجمله،‏ وقد جاءت اربعون سنه مفصله في قول للنووي‏.‏ وهذه الاحاديث النبويه الشريفه تحتوي علي حقيقه علميه لم تتوصل العلوم المكتسبه الي معرفتها الا منذ سنوات قليله، ‏ حين اثبت المتخصصون في علم الاجنه ان جسد الانسان ينشا من شريط دقيق للغايه يسمي باسم الشريط الاولي الذي يتخلق بقدره الخالق ‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ في اليوم الخامس عشر من تلقيح البويضه وانغراسها في جدار الرحم،‏واثر ظهوره يتشكل الجنين بكل طبقاته وخاصه الجهاز العصبي،‏ وبدايات تكون كل من العمود الفقري،‏ وبقيه اعضاء الجسم،‏ لان هذا الشريط الدقيق قد اعطاه الله‏(‏ تعالي‏)‏ القدره علي تحفيز الخلايا علي الانقسام،‏ والتخصص،‏ والتمايز،‏ والتجمع في انسجه متخصصه،‏ واعضاء متكامله في تعاونها علي القيام بكافه وظائف الجسد‏.‏ وثبت ان هذا الشريط الاولي يندثر فيما عدا جزءا يسيرا منه،‏ يبقي في نهايه العمود الفقري‏(‏ العصعص‏),‏ وهو المقصود بعجب الذنب في احاديث رسول الله‏(‏صلي الله عليه وسلم‏).

‏ واذا مات الانسان،‏ يبلي جسده كله الا عجب الذنب الذي تذكر احاديث رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ ان الانسان يعاد خلقه منه،‏ بنزول مطر خاص من السماء،‏ ينزله ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ وقت ان يشاء فينبت كل مخلوق من عجب ذنبه،‏ كما تنبت النبت من بذرتها‏.‏

وقد اثبتت مجموعه من علماء الصين في عدد من التجارب المختبريه استحاله افناء عجب الذنب‏(‏ نهايه العصعص‏)‏ كيميائيا بالاذابه في اقوي الاحماض،‏ او فيزيائيا بالحرق‏.‏ او بالسحق،‏ او بالتعريض للاشعه المختلفه،‏ مما يوكد صدق حديث المصطفي ‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ الذي يعتبر معجزه علميه سابقه لكافه العلوم المكتسبه بالف واربعمائه سنه علي الاقل‏.‏
وهنا يتبادر الي الذهن سوال هام موداه لماذا تعرض المصطفي‏ (‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ لقضيه علميه غيبيه كهذه في زمن لم يكن لمخلوق علم بها؟ ومن اين جاء هذا النبي الخاتم والرسول الخاتم بهذا العلم لو لم يكن موصولا بالوحي،‏ ومعلما من قبل خالق السماوات والارض؟

وللاجابه علي ذلك نقول بان الله‏(‏ تعالي‏)‏ يعلم بعلمه المحيط ان الانسان سوف يصل في يوم من الايام الي معرفه مراحل الجنين،‏ وسوف يستبين دور الشريط الاولي الذي من بقاياه عجب الذنب في تخليق جسد الجنين،‏ فالهم خاتم انبيائه ورسله النطق بهذه الحقيقه ليبقي فيها من الشهادات علي صدق نبوته،‏ وصدق رسالته،‏ وصدق تلقيه عن الخالق سبحانه وتعالي ما يبقي موائما لكل زمان ولكل عصر،‏ ولما كان زماننا قد تميز بقدر من الكشوف العلميه،‏ والتطورات التقنيه التي لم تتوفر فيما نعلم لزمن من الازمنه السابقه،‏ فان مثل هذه الاشارات العلميه في كل من كتاب الله،‏ وسنه رسوله ‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ تبقي لغه العصر وخطابه،‏ واسلوب الدعوه الي دين الله الخاتم الذي لايرتضي من عباده دينا سواه،‏ فلا يمكن لعاقل ان يتصور مصدرا لهذه الحقيقه العلميه من قبل الف واربعمائه سنه غير وحي صادق من الله الخالق،...!!‏


فسبحان الذي خلق فابدع،‏ وعلم فعلم،‏ واوحي الي خاتم انبيائه ورسله بالحق الذي لاياتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه،‏ وصلي الله وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي اله وصحبه،‏ ومن تبع هداه،‏ ودعا بدعوته الي يوم الدين‏.‏

بقلم الدكتور/ زغلول النجار
نشر في جريدة الأهرام تحت عمود "من أسرار القرآن" بتاريخ 27 نوفمبر 2001 ضمن سلسلة "من الآيات الكونية في القرآن الكريم"

إرسال تعليق