
في عدد من الاحاديث النبويه الشريفه جاء ذكر عجب الذنب علي انه الجزء من الجنين الذي يخلق منه جسده، والذي يبقي بعد وفاته، وفناء جسده ليبعث منه من جديد. فقد اشار المصطفي ( صلي الله عليه وسلم) الي ان جسد الانسان يبلي كله فيما عدا عجب الذنب، فاذا اراد الله تعالي بعث الناس انزل مطرا من السماء فينبت كل فرد من عجب ذنبه كما تنبت البقله من بذرتها. ومن هذه الاحاديث العديده روي ابو هريره( رضي الله عنه) عن رسول الله ( صلي الله عليه وسلم) قوله:
(1) كل ابن ادم تاكل الارض الا عجب الذنب، منه خلق،وفيه يركب( ابو داود، النسائي، احمد، ابن ماجه ابن حبان، مالك)
(2) وفي روايه لابي سعيد الخدري( رضي الله عنه) مرفوعا الي رسول الله( صلي الله عليه وسلم) انه قال: ياكل التراب كل شيء من الانسان الا عجب ذنبه، قيل وماهو يارسول الله؟ قال: مثل حبه خردل منه نشا
(3) واخرج الامام مسلم في صحيحه عن ابي هريره نصا مثله جاء فيه: كل ابن ادم ياكله التراب الا عجب الذنب، منه خلق، ومنه يركب.
(4) وفي لفظ اخر له جاء هذا النص: وليس من الانسان شيء الا يبلي الا عظما واحدا هو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامه.
(5) وفي لفظ اخر لمسلم كذلك جاء هذا النص: ان في الانسان عظما لا تاكله الارض ابدا، فيه يركب يوم القيامه. قالوا: اي عظم هو يارسول الله؟ قال: عجب الذنب.
(6) وفي لفظ ثالث لمسلم عن ابي هريره قال: قال رسول الله( صلي الله عليه وسلم): ما بين النفختين اربعون قالوا: يا ابا هريره اربعون يوما؟ قال: ابيت، قالوا: اربعون شهرا؟ قال: ابيت، قالوا: اربعون سنه؟ قال: ابيت قال: ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون، كما ينبت البقل، قال: قال: وليس من الانسان شيء الا يبلي، الا عظما واحدا، وهو عجب الذنب، ومنه يركب الخلق يوم القيامه.
ومعني ابيت في كلام ابي هريره هو ابيت ان اجزم ان المراد اربعون يوما، او شهرا، او سنه، بل الذي اجزم به انها اربعون مجمله، وقد جاءت اربعون سنه مفصله في قول للنووي. وهذه الاحاديث النبويه الشريفه تحتوي علي حقيقه علميه لم تتوصل العلوم المكتسبه الي معرفتها الا منذ سنوات قليله، حين اثبت المتخصصون في علم الاجنه ان جسد الانسان ينشا من شريط دقيق للغايه يسمي باسم الشريط الاولي الذي يتخلق بقدره الخالق ( سبحانه وتعالي) في اليوم الخامس عشر من تلقيح البويضه وانغراسها في جدار الرحم،واثر ظهوره يتشكل الجنين بكل طبقاته وخاصه الجهاز العصبي، وبدايات تكون كل من العمود الفقري، وبقيه اعضاء الجسم، لان هذا الشريط الدقيق قد اعطاه الله( تعالي) القدره علي تحفيز الخلايا علي الانقسام، والتخصص، والتمايز، والتجمع في انسجه متخصصه، واعضاء متكامله في تعاونها علي القيام بكافه وظائف الجسد. وثبت ان هذا الشريط الاولي يندثر فيما عدا جزءا يسيرا منه، يبقي في نهايه العمود الفقري( العصعص), وهو المقصود بعجب الذنب في احاديث رسول الله(صلي الله عليه وسلم).
واذا مات الانسان، يبلي جسده كله الا عجب الذنب الذي تذكر احاديث رسول الله( صلي الله عليه وسلم) ان الانسان يعاد خلقه منه، بنزول مطر خاص من السماء، ينزله ربنا( تبارك وتعالي) وقت ان يشاء فينبت كل مخلوق من عجب ذنبه، كما تنبت النبت من بذرتها.
وقد اثبتت مجموعه من علماء الصين في عدد من التجارب المختبريه استحاله افناء عجب الذنب( نهايه العصعص) كيميائيا بالاذابه في اقوي الاحماض، او فيزيائيا بالحرق. او بالسحق، او بالتعريض للاشعه المختلفه، مما يوكد صدق حديث المصطفي ( صلي الله عليه وسلم), الذي يعتبر معجزه علميه سابقه لكافه العلوم المكتسبه بالف واربعمائه سنه علي الاقل.
وهنا يتبادر الي الذهن سوال هام موداه لماذا تعرض المصطفي ( صلي الله عليه وسلم) لقضيه علميه غيبيه كهذه في زمن لم يكن لمخلوق علم بها؟ ومن اين جاء هذا النبي الخاتم والرسول الخاتم بهذا العلم لو لم يكن موصولا بالوحي، ومعلما من قبل خالق السماوات والارض؟
وللاجابه علي ذلك نقول بان الله( تعالي) يعلم بعلمه المحيط ان الانسان سوف يصل في يوم من الايام الي معرفه مراحل الجنين، وسوف يستبين دور الشريط الاولي الذي من بقاياه عجب الذنب في تخليق جسد الجنين، فالهم خاتم انبيائه ورسله النطق بهذه الحقيقه ليبقي فيها من الشهادات علي صدق نبوته، وصدق رسالته، وصدق تلقيه عن الخالق سبحانه وتعالي ما يبقي موائما لكل زمان ولكل عصر، ولما كان زماننا قد تميز بقدر من الكشوف العلميه، والتطورات التقنيه التي لم تتوفر فيما نعلم لزمن من الازمنه السابقه، فان مثل هذه الاشارات العلميه في كل من كتاب الله، وسنه رسوله ( صلي الله عليه وسلم) تبقي لغه العصر وخطابه، واسلوب الدعوه الي دين الله الخاتم الذي لايرتضي من عباده دينا سواه، فلا يمكن لعاقل ان يتصور مصدرا لهذه الحقيقه العلميه من قبل الف واربعمائه سنه غير وحي صادق من الله الخالق،...!!
فسبحان الذي خلق فابدع، وعلم فعلم، واوحي الي خاتم انبيائه ورسله بالحق الذي لاياتيه الباطل من بين يديه ولامن خلفه، وصلي الله وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي اله وصحبه، ومن تبع هداه، ودعا بدعوته الي يوم الدين.
بقلم الدكتور/ زغلول النجار
نشر في جريدة الأهرام تحت عمود "من أسرار القرآن" بتاريخ 27 نوفمبر 2001 ضمن سلسلة "من الآيات الكونية في القرآن الكريم"
بقلم الدكتور/ زغلول النجار
نشر في جريدة الأهرام تحت عمود "من أسرار القرآن" بتاريخ 27 نوفمبر 2001 ضمن سلسلة "من الآيات الكونية في القرآن الكريم"
إرسال تعليق