اخر الاخبار

breaking/مقالات الدكتور/9
مقالات الدكتور

12:02 م

تكبير النص تصغير النص أعادة للحجم الطبيعي
بقلم الدكتور/ زغلول النجار
نشر في جريدة الأهرام تحت عمود "من أسرار القرآن" بتاريخ 22 نوفمبر 2002 ضمن سلسلة "من الإعجاز العلمي في السنة النبوية المطهرة" 

من الإعجاز العلمي في السنة النبوية: خلق الله آدم علي صورته‏
يروي عن رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ انه قال‏:‏ خلق الله ادم علي صورته‏، طوله ستون ذراعا‏، فلما خلقه قال‏:‏ اذهب فسلم علي اولئك النفر من الملائكه جلوس فاستمع مايحيونك‏، فانها تحيتك وتحيه ذريتك‏، فقال‏:‏ السلام عليكم‏، فقالوا‏:‏ السلام عليك ورحمه الله‏، فزادوه‏:‏ ورحمه الله‏، فكل من يدخل الجنه علي صوره ادم‏، فلم يزل الخلق ينقص بعد حتي الان‏.‏

والحديث به اشاره الي ثلاث حقائق علميه مبهره هي‏:‏
‏(1)‏ ان الله تعالي خلق ادم علي صورته‏، اي علي صوره ادم عليه السلام‏.‏
‏(2)‏ ان طول ادم‏(‏ عليه السلام‏)‏ كان ستين ذراعا‏.‏
‏(3)‏ ان الخلق لم يزل ينقص في الطول حتي الان‏.‏
وكان انبهار الناس بفكره التطور العضوي قد دفع بالكثيرين الي محاوله ربط الانسان بتلك السلسله الطويله من الخلق دون دليل واضح علي الرغم من نقص السجل الاحفوري والثغرات العديده التي تتخلله‏، وذلك استنادا الي قدم سجل الحياه علي الارض‏(‏ تسلوي‏3800‏ مليون سنه علي الاقل‏)، والي تدرج عمارتها بانماط متعاقبه من الخلق التي ازدادت في العدد وفي تعقيد البناء مع الزمن باستمرار‏.‏
وياتي حديث رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ موكدا حتميه الخلق‏، ومويدا خلق الانسان خلقا خاصا علي الرغم من تضاول حجمه مع الزمن‏.‏
وياتي العلم الكسبي مويدا ذلك بناء علي الملاحظات التاليه‏:‏
‏(1)‏ ان لبنه بناء الخليه الحيه تتمثل في الجزيء البروتيني‏، والعلم التجريبي يوكد استحاله تكونه‏، بمحض الصدفه نظرا لشده تعقيده اولا‏، ولانه ثانيا ماده غير حيه بذاته ولكنه ينشط في داخل الخليه الحيه‏;‏ وكذلك الاحماض الامينيه التي يتركب منها الجزيء البروتيني‏.‏
‏(2)‏ ان الخليه الحيه بالغه التعقيد في بنائها‏، وفي قدرتها علي اداء الوظائف المناطه بها مما ينفي امكانيه وجودها دون تخطيط مسبق حكيم‏;‏ وجد الانسان مبني من مئات البلايين من الخلايا الحيه التي تتنوع بتنوع وظائفها ويتجمع كل نوع منها في انسجه متخصصه‏، وتتجمع الانسجه المتخصصه في اعضاء محدده والاعضاء في اجهزه معينه تتعاون في تناغم عجيب علي خدمه الجسد الحي‏، وفي تمكينه من القيام‏، بمختلف انشطته‏.‏
‏(3)‏ والخليه الحيه في جسم الانسان لايتعدي قطرها‏0،03‏ من الملليمتر‏، وهي تحمل بداخلها نواتها‏، والنواه تمثل عقل الخليه الحاكم بما تصدر من اوامر بدقه بالغه‏، وكل نواه تحمل عددا محددا من الصبغيات‏(‏ الكروموسومات‏)‏ ويميز عدد الصبغيات كل نوع من ملايين انواع المخلوقات‏، وبلايين افراد كل نوع فالانسان علي سبيل المثال تحمل كل نواه خلاياه‏46‏ صبغيا في ثلاثه وعشرين زوجا‏(‏ ماعدا الخلايا التناسليه التي تحمل نصف هذا العدد حتي اذا ما اتحدت تكامل عدد الصبغيات في البويضه الملقحه‏).‏

‏(4)‏ وصبغيات الخليه الانسانيه الواحده تشغل مساحه في داخل النواه لاتزيد علي واحد من المليون من الملليمتر المكعب‏، ولكنها اذا فردت فان طولها يقارب المترين‏;‏ وعلي ذلك فان طول الشفره الوراثيه في جسد فرد واحد من البشر يزيد علي المسافه بين الارض والشمس وهي مقدره بحوالي‏150‏ مليون كيلو متر‏.‏
‏(5)‏ والشفره الوراثيه المحموله علي صبغيات خليه واحده من خلايا جسم الانسان تحمل‏18.6‏ بليون جزيء من القواعد النيتروجينيه والسكر والفوسفات‏، موزعه بالتساوي بين هذه المركبات الثلاث‏، ومرتبه في‏3،1‏ بليون من النويدات الموزعه في حوالي بليون شفيره تكتب بها صفات الجسد كله‏;‏ ولو تعرض هذا البناء في ترتيب لبناته الي اقل قدر من التغيير فاما ان يشوه او ان ينهار بالكامل‏.‏
‏(6)‏ ومن المبهر في هذه الشفره الوراثيه التي تحمل اسرار الخليه الحيه ان الحمض النووي الذي تكتب به حروفها يتطابق تركيبه الكيميائي بين اي فردين من افراد البشر بنسبه‏99.9%‏ مهما تباعدت اصولهما‏، وعلي الرغم من ذلك يبقي لكل فرد من البلايين التي تحيا اليوم‏، والتي عاشت وماتت‏، والتي سوف تاتي من بعدنا شفره وراثيه مميزه تفوق في الدقه شفره ابهامه‏.‏
اما عن ضخامه جسم ابينا ادم‏(‏ عليه السلام‏)‏ فالسجل الاحفوري يشهد للكائنات بتضاول الاحجام مع الزمن‏، وباستمرار ذلك الي ان يرث الله الارض ومن عليها‏.‏
وهنا تتضح هذه الاشراقات النورانيه في حديث رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ ومنها القضاء علي دعاوي التطور العضوي‏، والتاكيد علي الخلق بصفه عامه‏، وعلي خلق الانسان بصفه خاصه وهي من الحقائق التي بدا العلم الكسبي في الوصول اليها‏.‏

إرسال تعليق