
بقلم الدكتور/ زغلول النجار
نشر في جريدة الأهرام تحت عمود "من أسرار القرآن" بتاريخ 6 ديسمبر 2001 ضمن سلسلة "من الآيات الكونية في القرآن الكريم"
روي ابو يعلي في مسنده عن سلمه بن الاكوع ان رسول الله( صلي الله عليه وسلم) قال:
النجوم امنه السماء، فاذا ذهبت النجوم اتي السماء ما توعد، وانا امنه اصحابي، فاذا ذهبت اتي اصحابي ما يوعدون، واصحابي امنه لامتي، فاذا ذهبت اصحابي اتي الامه ما توعد والحديث حسنه السيوطي، واشار اليه المناوي في كتابه المعروف، فيض القدير.
وسوف اعلق هنا علي الشطر الاول من الحديث فقط والذي يقول فيه( صلي الله عليه وسلم):
النجوم امنه السماء، فاذا ذهبت النجوم اتي السماء ما توعد وذهاب النجوم انكدارها وطمسها، وما توعد السماء نشطها وانشقاقها، وانفطارها وانفراجها، ومورها، وتحولها الي شئ كالمهل، واتيانها بالدخان والنجوم هي اجرام سماويه منتشره بالسماء الدنيا، كرويه الشكل او شبه كرويه، غازيه، ملتهبه، مضيئه بذاتها، مرتبطه مع بعضها البعض بقوي الجاذبيه علي الرغم من بنائها الغازي، وهي عظيمه الكتله والحجم، عاليه الحراره، وتشع كلا من الضوء المرئي، وغير المرئي بجميع موجاته.
والنجوم تمر في دوره حياتها بمراحل من الميلاد الي الشباب والشيخوخه قبل ان تنفجر، او تتكدس علي ذاتها فتنكدر ثم تطمس، او تنفجر قبل ذلك او بعد ذلك فتعود الي دخان السماء لتدخل في دوره ميلاد نجم جديد.
ويقضي النجم90% من عمره في مرحله النجوم العاديه الشبيهه بشمسنا قبل انفجارها او انكدارها او طمسها، وقد تنتهي المرحلتان الاخيرتان بالانفجار كذلك.
والنجوم هي افران كونيه يتم بداخلها سلاسل من التفاعلات النوويه تعرف باسم عمليه الاندماج النووي ينتج عن طريقها تخليق كل العناصر التي تحتاجها كل من الارض والسماء الدنيا.
وبالاضافه الي قوي الجاذبيه التي تربط نجوم السماء الدنيا ببعضها البعض ربطا محكما، فان هناك اعداد من القوي التي تمسك بالماده في داخل كل جرم سماوي، وفي صفحه السماء الدنيا، وفي الارض، ونعرف من هذه القوي: القوه النوويه الشديده، والقوه النوويه الضعيفه، والقوه الكهربائيه/ المغناطيسيه ( الكهرومغناطيسيه) وهذه القوي الاربع هي التي تمسك بالماده والطاقه في الجزء المدرك من الكون.
ونظرا لضخامه كتل النجوم فانها تهيمن بقوي جذبها علي كل ما يدور في فلكها من كواكب، وكويكبات، واقمار، ومذنبات، وغير ذلك من صور الماده، والنجوم ترتبط فيما بينها بالجاذبيه، وتتجمع في وحدات كونيه اكبر فاكبر مرتبطه فيما بينها بالجاذبيه ايضا، فاذا انفرط عقد هذه القوي انهارت النجوم، وانهار الكون بانهيارها.
وهنا تتضح روعه التعبير النبوي الشريف: النجوم امنه السماء، فاذا ذهبت النجوم اتي السماء ما توعد...
وهذه الحقائق لم يتوصل الانسان الي ادراكها الا في القرن العشرين، ونطق المصطفي( صلي الله عليه وسلم) بها من قبل الف واربعمائه سنه بهذه الدقه العلميه، في زمن كان فيه اهل الارض الخرافات، والاساطير انه امر، معجزه حقا، ولا يمكن ان نجد له من تفسير الا الصله بالخالق( سبحانه وتعالي) عن طريق الوحي.
وهذا الحديث، وامثاله من كلام الصادق المصدوق ( صلي الله عليه وسلم) لمن الشهادات البينه علي صدق نبوته، وصدق رسالته وصدق قوله، في زمن قصرت فيه المسافات، وتلاقت الحضارات بكل ما في جعبها من معتقدات، واراء، وفلسفات وافكار، وصار لزاما علي المسلمين ان يحسنوا الدعوه الي دين الله الخاتم، والدين بركائزه الاساسية: العقيده، والعبادات، والاخلاق، والمعاملات لم يعد يحرك ساكنا في قلوب اهل الارض الا من رحم بك، لان هذه المفاهيم النبيله قد شوهت في اذهان الناس الذين فتنوا بالعلم ومعطياته فتنه كبيره، فاذا قدمنا اليهم سبقا علميا كالذي جاء في هذا الحديث الشريف، فان ذلك قد يقنعهم بمزيد من الاطلاع علي كتاب الله، وعلي سنه رسوله ( صلي الله عيه وسلم) فيجدون فيها ضالتهم التي ينشدون، وما ذلك علي الله بعزيز وصلي الله وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي اله وصحبه، ومن تبع هداه، ودعا بدعوته الي يوم الدين.
إرسال تعليق