اخر الاخبار

breaking/مقالات الدكتور/9
مقالات الدكتور

3:11 م

تكبير النص تصغير النص أعادة للحجم الطبيعي

بقلم الدكتور/ زغلول النجار
نشر في جريدة الأهرام تحت عمود "من أسرار القرآن" بتاريخ 6 ديسمبر 2001 ضمن سلسلة "من الآيات الكونية في القرآن الكريم"


روي ابو يعلي في مسنده عن سلمه بن الاكوع ان رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ قال‏:‏
النجوم امنه السماء،‏ فاذا ذهبت النجوم اتي السماء ما توعد،‏ وانا امنه اصحابي،‏ فاذا ذهبت اتي اصحابي ما يوعدون،‏ واصحابي امنه لامتي،‏ فاذا ذهبت اصحابي اتي الامه ما توعد  والحديث حسنه السيوطي،‏ واشار اليه المناوي في كتابه المعروف،‏ فيض القدير‏.‏

وسوف اعلق هنا علي الشطر الاول من الحديث فقط والذي يقول فيه‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏):‏
النجوم امنه السماء،‏ فاذا ذهبت النجوم اتي السماء ما توعد وذهاب النجوم انكدارها وطمسها،‏ وما توعد السماء نشطها وانشقاقها،‏ وانفطارها وانفراجها،‏ ومورها،‏ وتحولها الي شئ كالمهل،‏ واتيانها بالدخان والنجوم هي اجرام سماويه منتشره بالسماء الدنيا،‏ كرويه الشكل او شبه كرويه،‏ غازيه،‏ ملتهبه،‏ مضيئه بذاتها،‏ مرتبطه مع بعضها البعض بقوي الجاذبيه علي الرغم من بنائها الغازي،‏ وهي عظيمه الكتله والحجم،‏ عاليه الحراره،‏ وتشع كلا من الضوء المرئي،‏ وغير المرئي بجميع موجاته‏.‏
والنجوم تمر في دوره حياتها بمراحل من الميلاد الي الشباب والشيخوخه قبل ان تنفجر،‏ او تتكدس علي ذاتها فتنكدر ثم تطمس،‏ او تنفجر قبل ذلك او بعد ذلك فتعود الي دخان السماء لتدخل في دوره ميلاد نجم جديد‏.‏
ويقضي النجم‏90%‏ من عمره في مرحله النجوم العاديه الشبيهه بشمسنا قبل انفجارها او انكدارها او طمسها،‏ وقد تنتهي المرحلتان الاخيرتان بالانفجار كذلك‏.‏

والنجوم هي افران كونيه يتم بداخلها سلاسل من التفاعلات النوويه تعرف باسم عمليه الاندماج النووي ينتج عن طريقها تخليق كل العناصر التي تحتاجها كل من الارض والسماء الدنيا‏.‏
وبالاضافه الي قوي الجاذبيه التي تربط نجوم السماء الدنيا ببعضها البعض ربطا محكما،‏ فان هناك اعداد من القوي التي تمسك بالماده في داخل كل جرم سماوي،‏ وفي صفحه السماء الدنيا،‏ وفي الارض،‏ ونعرف من هذه القوي‏:‏ القوه النوويه الشديده،‏ والقوه النوويه الضعيفه،‏ والقوه الكهربائيه‏/‏ المغناطيسيه ‏(‏ الكهرومغناطيسيه‏)‏ وهذه القوي الاربع هي التي تمسك بالماده والطاقه في الجزء المدرك من الكون‏.‏

ونظرا لضخامه كتل النجوم فانها تهيمن بقوي جذبها علي كل ما يدور في فلكها من كواكب،‏ وكويكبات،‏ واقمار،‏ ومذنبات،‏ وغير ذلك من صور الماده،‏ والنجوم ترتبط فيما بينها بالجاذبيه،‏ وتتجمع في وحدات كونيه اكبر فاكبر مرتبطه فيما بينها بالجاذبيه ايضا،‏ فاذا انفرط عقد هذه القوي انهارت النجوم،‏ وانهار الكون بانهيارها‏.‏
وهنا تتضح روعه التعبير النبوي الشريف‏:‏ النجوم امنه السماء،‏ فاذا ذهبت النجوم اتي السماء ما توعد‏...‏
وهذه الحقائق لم يتوصل الانسان الي ادراكها الا في القرن العشرين،‏ ونطق المصطفي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بها من قبل الف واربعمائه سنه بهذه الدقه العلميه،‏ في زمن كان فيه اهل الارض الخرافات،‏ والاساطير انه امر،‏ معجزه حقا،‏ ولا يمكن ان نجد له من تفسير الا الصله بالخالق‏(‏ سبحانه وتعالي‏)‏ عن طريق الوحي‏.‏

وهذا الحديث،‏ وامثاله من كلام الصادق المصدوق ‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ لمن الشهادات البينه علي صدق نبوته،‏ وصدق رسالته وصدق قوله،‏ في زمن قصرت فيه المسافات،‏ وتلاقت الحضارات بكل ما في جعبها من معتقدات،‏ واراء،‏ وفلسفات وافكار،‏ وصار لزاما علي المسلمين ان يحسنوا الدعوه الي دين الله الخاتم،‏ والدين بركائزه الاساسية‏:‏ العقيده،‏ والعبادات،‏ والاخلاق،‏ والمعاملات لم يعد يحرك ساكنا في قلوب اهل الارض الا من رحم بك،‏ لان هذه المفاهيم النبيله قد شوهت في اذهان الناس الذين فتنوا بالعلم ومعطياته فتنه كبيره،‏ فاذا قدمنا اليهم سبقا علميا كالذي جاء في هذا الحديث الشريف،‏ فان ذلك قد يقنعهم بمزيد من الاطلاع علي كتاب الله،‏ وعلي سنه رسوله‏ (‏ صلي الله عيه وسلم‏)‏ فيجدون فيها ضالتهم التي ينشدون،‏ وما ذلك علي الله بعزيز وصلي الله وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي اله وصحبه،‏ ومن تبع هداه،‏ ودعا بدعوته الي يوم الدين‏.

إرسال تعليق