
بقلم الدكتور/ زغلول النجار
نشر في جريدة الأهرام تحت عمود "من أسرار القرآن" بتاريخ 11 ديسمبر 2001 ضمن سلسلة "من الآيات الكونية في القرآن الكريم"
لا تقوم الساعه حتي تخرج نار من ارض الحجاز، تضيء اعناق الابل ببصري
في هذا الحديث الشريف اشاره علميه دقيقه الي حقيقه من حقائق ارض الحجاز لم تدرك الا في منتصف القرن العشرين حين بديء في رسم الخريطه الجيولوجيه لارض شبه الجزيره العربيه، وكان من نتائج ذلك اثبات انتشار الطفوح البركانيه علي طول الساحل الغربي لجزيره العرب من عدن جنوبا الي المرتفعات السوريه شمالا، عبر كل من الحجاز والاردن، وفلسطين، معطيه مساحه من تلك الطفوح تقدر بحوالي مائه وثمانين الفا(180,000 كم2) من الكيلو مترات المربعه، ومكونه واحدا من اهم اقاليم النشاط البركاني الحديث في العالم، ويقع نصف هذه المساحه تقريبا في ارض الحجاز( حوالي تسعين الفا من الكيلو مترات المربعه) موزعه في ثلاثه عشر حقلا بركانيا تعرف باسم الحرات; واغلب هذه الحرات تمتد بطول الساحل الشرقي للبحر الاحمر ممتده في داخل ارض الحجاز بعمق يتراوح بين150 كيلو مترا،200 كيلو متر، ويعتقد بان هذه الطفوح البركانيه قد تدفقت عبر عدد من الصدوع الموازيه لاتجاه البحر الاحمر، ومن فوهات مئات من البراكين المنتشره في غرب الحجاز، كما يعتقد بان تلك الصدوع والبراكين لاتزال نشطه منذ نشاتها والي يومنا الحاضر وذلك لانتشار الينابيع الحاره من حولها، وتردد العديد من الهزات الارضيه التي تم تسجيلها كما تم مشاهده تصاعد اعمده من الغازات والابخره الحاره من عدد من تلك الفوهات البركانيه.
والحرات الثلاث عشره المنتشره في ارض الحجاز هي من الجنوب الي الشمال: حره السراه، البرك، البقوم، النواصف، هادان، الكشب، رهط، حله ابو نار، خيبر، اشاره العويرض، الشامه والحماد; بالاضافه الي عدد اخر من الحرات الصغيره في مساحاتها.
وتقع المدينه المنوره ( علي ساكنها افضل الصلاه وازكي التسليم) بين حرة رهط في الجنوب، وحره خيبر في الشمال; وتمتد حره رهط بين المدينه المنوره شمالا، ووادي فاطمه بالقرب من مكه المكرمه جنوبا عبر مسافه تقدر بحوالي310 كيلو مترات في الطول، وستين كيلو مترا في متوسط العرض لتغطي مساحه تقدر بحوالي19830 كيلو مترا مربعا، بسمك متوسط حوالي المائه متر وان كان يصل الي اربعمائه متر في بعض الاماكن.
ويوجد في حره رهط وحدها اكثر من سبعمائه فوهه بركانيه ويعتبر الجزء الشمالي من حره رهط والذي يقع الي الجنوب من المدينه المنوره مباشره من اكثر اجزاء تلك الحره نشاطا لانه قد شهد اكثر من ثلاث عشره ثوره بركانيه وتدفقا للحمم خلال الخمسه الاف سنه الماضيه( بمتوسط ثوره بركانيه واحده كل اربعمائه سنه تقريبا) منها ثوره سنه21 هجريه(644 ميلاديه), وثوره سنه654 ه(1256 ميلاديه) البركانيتان واللتان سبقتا بعدد من الهزات الارضيه العنيفه واصوات الانفجارات الشديده.
وقد كونت الثوره البركانيه الاخيره(654 ه/1256 م) سته مخاريط بركانيه جديده، ودفعت بطفوحها لمسافه زادت علي ثلاثه وعشرين كيلو مترا من الشمال الي الجنوب، وامتدت حتي الطرف الجنوبي لموقع مطار المدينه المنوره الحالي، ثم تحولت الي الشمال لطفا باهل المدينه، وكرامه لساكنها( صلي الله عليه وسلم) بعد ان اصاب الناس كثير من الذعر والهلع.
ويوجد في حره خيبر اكثر من اربعمائه فوهه بركانيه تضم عددا من احدث تلك الفوهات عمرا واكثرها نشاطا، فقد تم تسجيل اكثر من ثلاثمائه هزه ارضيه خفيفه حول احدي تلك الفوهات البركانيه في سنه من السنوات القليله الماضيه، مما يوحي بتحرك الصهاره الصخريه تحت ذلك المخروط ويهدد بامكانيه انفجاره بثوره بركانيه عارمه.
وتشير الدراسات العلميه التي اجريت علي منطقه الحجاز الي ان الثورات البركانيه التي كونت حره رهط قد بدات منذ عشر ملايين من السنين علي الاقل، تميزت بتتابع عدد من الثورات البركانيه التي تخللتها فترات من الهدوء النسبي.
ومعني هذا الكلام ان المنطقه مقبله حتما علي فتره من الثورات البركانيه تندفع فيها الحمم من تلك الفوهات والصدوع كما اندفعت من قبل بملايين الاطنان فتملا المنطقه نارا ونورا تصديقا لنبوءه المصطفي( صلي الله عليه وسلم) التي قال فيها: لا تقوم الساعه حتي تخرج نار من ارض الحجاز، تضيء اعناق الابل ببصري.
وبصري مدينه في جنوب بلاد الشام( سوريا) كذلك فان حره خيبر تعتبر اكبر هضبه بركانيه في ارض الحجاز، حيث تغطي قرابه العشرين الف كيلو مترمربع، بسمك يتراوح بين الخمسمائه والالف متر، يمثل عده طفوح بركانيه متتاليه، يتركز احدثها في وسط الحره حيث تنتشر غالبيه الفوهات البركانيه الحديثه في حزام يمتد بطول ثمانين كيلو مترا موازيا لاتجاه البحر الاحمر، وبعرض15 كيلو مترا في المتوسط، وقد تم تسجيل زلزالين كبيرين وقعا في حره خيبر، احدهما في سنه460 ه، والاخر في سنه654 ه، وقد سبقت الزلزال الاخير اصوات انفجارات عاليه، تلتها ثوره بركانيه كبيره، وصاحبتها هزات ارضيه استمرت بمعدل عشر هزات يوميا لمده خمسه الي سته ايام قدرت شده اكبرها بخمسه درجات ونصف الدرجه علي مقياس ريختر، وقد كونت هذه الثوره البركانيه الاخيره عددا من المخاريط البركانيه، ودفعت بملايين الاطنان من الحمم في اتجاه الجنوب، ولاتزال الارض حول تلك المخاريط تتعرض لاعداد كبيره من الرجفات الاهتزازيه الخفيفه التي توحي بان الصهارات الصخريه تحت المخروط البركاني لاتزال نشطه، مما يوكد حتميه وقوع ثورات بركانيه عارمه تخرج من ارض الحجاز في المستقبل الذي لايعلمه الا الله وذلك تصديقا لنبوءه النبي الخاتم، والرسول الخاتم ( صلي الله عليه وسلم) وشهاده له بالنبوه وبالرساله، وبانه( عليه افضل الصلاه وازكي التسليم) كان موصولا بالوحي، ومعلما من قبل خالق السماوات والارض.
إرسال تعليق